الأول: أن القيام لا ينافي المشي السريع، لأن الماشي قائم، ولا ينافي النظر أيضًا.
والثاني: أن الأمور المتعاقبة التي لا يتخلل بينها زمان ومهلة تجعل كأنها واقعة في زمان واحد، كما إذا قيل: مقبل مدبر.
والمعنى: أي ونفخ في الصور نفخة ثانية للبعث، والنشور، والخروج. فإذا هم جميعًا يسرعون للقاء ربهم للحساب والجزاء. ونحو الآية قوله: {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعًا كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43)}.
52 - ثم ذكر، أنهم يعجبون حين يرون أنفسهم قد خرجوا من قبورهم للبعث، كما حكي عنهم بقوله: {قالُوا}؛ أي: الكفار في ابتداء بعثهم من القبور، منادين لويلهم، وهلاكهم من شدة ما غشيهم من أمر القيامة {يا وَيْلَنا} ويا هلاكنا، احضر إلينا لنتعجب منك، فهذا أوانك ووقت مجيئك. فويل: منادى مضاف إلى ضمير المتكلمين، وهو كلمة عذاب وبلاء، كما أن كلمة ويح كلمة رحمة. ويحتمل كون المنادى محذوفا؛ أي: قالوا: يا قومنا انظروا هلاكنا وتعجبوا منه. قال ابن الأنباري. الوقف على {يا وَيْلَنا} وقف حسن. ثم يبتدىء الكلام بقوله: {مَنْ} استفهام استخباري وتعجب {بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا} كان حفص يقف على {مَرْقَدِنا} وقفة لطيفة دون قطع نفس، لئلا يتوهم أن اسم الإشارة صفة لـ {مَرْقَدِنا}، ثم يبتدىء {هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ} على أنها جملة مستأنفة. ويقال لهذه الوقفة: وقفة السكت. وهي قطع الصوت مقدارًا أخصر من زمان النفس.
أي: من أقامنا، وأيقظنا من رقادنا ونومنا إن قلنا: إن المرقد مصدر، أو من مكاننا الذي كنا فيه راقدين إن قلنا. إنه اسم مكان. ظنوا لاختلاط عقولهم بما شاهدوا من الهول، وما داخلهم من الفزع أنهم كانوا نياما. قال في «الأسئلة المقحمة»: إن قيل: أخبر الكفار، بأنهم كانوا في القبر قبل البعث، في حال الرقاد، وهذا يرد عذاب القبر؟
قلت: إنهم لاختلاط عقولهم يظنون أنهم كانوا نيامًا، أو أن الله تعالى يرفع