أي: يخصم بعضهم بعضًا، وباقي السبعة بكسر الخاء، وشد الصاد. وفرقة بكسر الياء اتباعًا لكسرة الخاء وشد الصاد.
فإن قلت: الصيحة المذكورة هنا مكررة مع الصيحة التي سبقت في قوله: {إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ (29)}.
قلت: لا تكرار؛ لأن السابقة هي صيحة جبرائيل، لا هلاك أهل أنطاكية مدينة الروم، والمذكورة هنا هي صيحة إسرافيل، حين ينفخ في الصور نفخة الصعق، النفخة الأولى.
50 - ثم بين سبحانه سرعة حدوثها، وأنها كلمح البصر، أو هي أقرب فقال: {فـ} حينئذ {لَا يَسْتَطِيعُونَ}؛ أي: لا يقدرون {تَوْصِيَةً}؛ أي: إيصاء في شيء من أمورهم إذ كانت فيما بين أيديهم؛ أي: لا يستطيع بعضهم أن يوصي إلى بعض بماله وما عليه، أو لا يستطيع أن يوصيه بالتوبة والإقلاع عن المعاصي، بل يموتون في أسواقهم ومزارعهم ومواضعهم. قال ابن الشيخ (?): لا يستطيعون توصية ما، ولو كانت بكلمة يسيرة، فإذا لم يقدروا عليها يكونون أعجز عما يحتاجون فيه إلى زمان طويل، من أداء الواجبات، ورد المظالم، ونحوها؛ لأن القول أيسر من الفعل، فإذا عجزوا عن أيسر ما يكون من القول، تبين أن الساعة لا تمهلهم بشيء ما. واختار الوصية من جنس الكلمات، لكونها أهم بالنسبة إلى المحتضر، فالعاجز عنها يكون أعجز عن غيرها. {وَلا إِلى أَهْلِهِمْ} متعلق بقوله: {يَرْجِعُونَ}؛ أي: لا يستطيعون توصية إلى أهليهم إن كانوا بين أهلهم، ولا يرجعون إلى أهلهم ومنازلهم إن كانوا في خارج أبوابهم، بل تبغتهم الصيحة، فيموتون حيث ما كانوا.
والمعنى (?): أي فلا يستطيعون أن يوصوا في أموالهم أحدًا. إذ لا يمهلون بذلك، ولا يستطيع من كان منهم خارجًا من أهله أن يرجع إليهم، بل تبغتهم الصيحة فيموتون حيثما كانوا، ويرجعون إلى ربهم. واعلم: أن الموت يدرك