{وَفَجَّرْنا}؛ أي: شققنا وأسلنا {فِيها}؛ أي: في الأرض {مِنَ الْعُيُونِ}؛ أي: بعضًا من ماء العيون. فحذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه أو {مِنْ} زائدة، و {الْعُيُونِ} مفعول به على رأي من جوز زيادتها في الإثبات. وهو الأخفش، ومن وافقه. وقرأ الجمهور {فَجَّرْنا}: بالتشديد. وقرأ جناح بن حبيش بالتخفيف. والفجر، والتفجير كالفتح والتفتيح لفظًا ومعنى.
واعلم (?): أن تفجير الأنهار والعيون في البلاد، رحمة من الله تعالى، إذ حياة كل شيء من الماء، وللبساتين منه النضارة والنماء. والعيون إما جارية وإما غير جارية، والجارية غير الأنهار، إذ هي أكثر وأوسع من العيون، ومنبعها غير معلوم غالبا كالنيل المبارك، حيث لم يوجد رأسه. وغير الجارية هي الآبار.
35 - واللام في قوله: {لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ} متعلق بـ {جَعَلْنا}، وتأخيره عن تفجير العيون لأنه من مبادىء الأثمار، والضمير في {مِنْ ثَمَرِهِ} يعود إلى المذكور من الجنات والنخيل؛ أي: وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب، ورتبنا مبادىء إثمارها ليأكلوا من ثمر ما ذكر من الجنات والنخيل والأعناب، ويواظبوا على الشكر أداء لحقوقنا. ففيه إجراء الضمير مجرى اسم الإشارة. وقيل: الضمير راجع إلى ماء العيون؛ لأن الثمر منه، قاله الجرجاني. وقيل: الضمير لله على طريقة الالتفات، والإضافة إليه، لأن الثمر بخلقه كما في «البيضاوي». وقرأ الجمهور (?): {ثَمَرِهِ} بفتح الثاء والميم. وقرأ حمزة، والكسائي، وطلحة، وابن وثاب بضمهما. وقرأ الأعمش بضم الثاء، وإسكان الميم.
وقوله: {وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} معطوف على {ثَمَرِهِ}؛ أي: ليأكلوا من ثمره، ويأكلوا من الذي عملته أيديهم. وهو ما يتخذ منه كالعصير والدبس ونحوهما، وكذلك ما غرسوه وحفروه على أن ما موصولة. وقيل: {مَا}: نافية، والمعنى: والحال أنه لم تعمل ذلك الثمر، ولم تصنعه أيديهم؛ لأن الثمر وجد بخلق الله تعالى لا بفعلهم، ومحل الجملة حينئذ النصب على الحال. ويؤيد الأول