والمصابرة على أذيتهم لإعزاز الدين حتى قُتل.

{وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ}؛ أي: من المنعمين في الجنة، وإن كان على النصف؛ إذ تمامه إنما يكون بعد تعلق الروح بالجسد يوم القيامة. وفي الحديث المرفوع: "نصح قومه حيًا وميتًا"، وهكذا (?) ينبغي للمؤمن أن يكون ناصحًا للناس، إلى تعصُّبهم وتمردهم، ويستوي حاله في الرضى والغضب. قال حمدون القصار: لا يسقط عن النفس رؤية الخلق بحال، ولو سقط عنها في وقت لسقط في المشهد الأعلى في الحضرة، ألا تراه في وقت دخول الجنة يقول: {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ} يحدِّث نفسه، إذ ذاك.

وقرىء (?): من {الْمُكْرَمِينَ} مشدد الراء مفتوح الكاف، وقرأ الجمهور: بإسكان الكاف وتخفيف الراء.

ومعنى الآية: أي قال الله سبحانه له: ادخل الجنة كفاء ما قدمت من عمل، وأسلفت من إحسان، فلما دخلها وعاين ما أكرمه الله به لإيمانه وصبره .. قال يا ليت قومي يعلمون بما أنا فيه من نعيم وخير عميم لإيماني بربي، وتصديقي برسله، وصبري على أذى قومي، وإنما تمنى علم قومه بحاله ليحملهم ذلك على اكتساب المثوبة مثله بالتوبة عن الكفر، والدخول في حظيرة الإيمان والطاعة، اتباعًا لسنن أولياء الله الذي يكظمون الغيظ، ويترحمون على الأعداء.

قال ابن عباس رضي الله عنهما: نصح قومه حيًا بقوله: {يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ}، وبعد مماته بقوله: {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27)}.

الإعراب

{يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4)}.

{يس (1)}: إن قلنا إنه علم على السورة .. فهو إما خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: هذه يس، والخبر مرفوع، وعلامة رفعه ضمة ظاهرة في آخره على قراءة الرفع،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015