وفيه دليل على أن الطلاق قبل النكاح غير واقع؛ لأن الله تعالى رتب الطلاق على النكاح، كما قال بعضهم: إنما النكاح عقدة، والطلاق يحلها. فكيف تحل عقدة لم تعقد؟. فلو قال: متى تزوجت فلانة، أو كل امرأة أتزوجها .. فهي طالق، لم يقع عليه طلاق إذا تزوج. عند الشافعي وأحمد، وقال أبو حنيفة: يقع مطلقًا؛ لأنه تطليق عند وجود الشرط، إلا إذا زوجها فضولي، فإنها لم تطلق، كما في "المحيط". وقال مالك: إن عين امرأة بعينها، أو من قبيلة، أو من بلد، فتزوجها .. وقع الطلاق، وإن عمم فقال: كل امرأة أتزوجها من الناس كلهم لم يلزمه شيء.
والقول الصحيح الموافق لنص الكتاب والسنة: عدم وقوع الطلاق قبل النكاح، لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "جعل الله الطلاق بعد النكاح" وأخرجه البخاري في ترجمة باب بغير إسناد. ولحديث جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا طلاق قبل النكاح".
ولحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا طلاق فيما لا تملك، ولا عتق فيما لا تملك، ولا بيع فيما لا تملك". أخرجه أبو داود والترمذي بمعناه.
ثم إن (?) حكم الخلوة التي يمكن معها المساس في حكم المساس عند أبي حنيفة وأصحابه. والخلوة الصحيحة: غلق الرجل الباب على منكوحته بلا مانع وطءٍ من الطرفين، وهو ثلاثة:
حسي: كمرض يمنع الوطأ، ورتق وهو: انسداد موضع الجماع، بحيث لا يستطاع.
وشرعي: كصوم رمضان دون صوم التطوع، والقضاء والنذر والكفارة على الصحيح؛ لعدم وجوب الكفارة بالإفساد، وكإحرام فرض أو نفل، فإن الجماع مع الإحرام يفسد النسك، ويوجب دمًا مع القضاء.
وطبعي: كالحيض والنفاس؛ إذ الطباع السليمة تنفر منها، فإذا خلا بها في