يتضمن الإبانة عن الحكم المسؤول عنه، وعن غيره مما تدعو الحاجة إلى بيانه، فإن قوله: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ ...} إلخ. جواب عن سؤال مقدر، وهو قول قائل: أليس محمد أبا زيد بن حارثة؟ فأتى في الجواب بقول: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ}، وكان مقتضى الجواب أن يقول: ما كان محمد أبا زيد، وكان يكفي أن يقول ذلك، ولكنه عدل عنه ترشيحًا للأخبار بأن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين، ولا يتم هذا الترشيح إلا بنفي أبوته لأحد من الرجال، فإنه لا يكون خاتم النبيين إلا بشرط أن لا يكون له ولد قد بلغ، فلا يرد أن له الطاهر، والطيب، والقاسم؛ لأنهم لم يبلغوا مبلغ الرجال.

ثم احتاط لذلك بقوله: {مِنْ رِجَالِكُمْ}، فأضاف الرجال إليهم، لا إليه فالتف المعنى الخاص في المعنى العام، وأفاد نفي الأبوة الكلية لأحد من رجالهم، وانطوى في ذلك نفي الأبوة لزيد، ثم إن هناك تلفيفًا آخر، وهو قوله: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ}، فعدل عن لفظ نبي إلى لفظة رسول لزيادة المدح؛ لأن كل رسول نبي، ولا عكس، على أحد القولين، فهذا تلفيف بعد تلفيف.

ومنها: الزيادة والحذف في عدة مواضع.

والله سبحانه وتعالى أعلم

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015