ذكر عن نسيان، وهو حال العامة، أو إدامة الحضور والحفظ، وهو حال الخاصة؛ إذ ليس لهم نسيان أصلًا، وهم عند مذكورهم مطلقًا.

{وَسَبِّحُوهُ} قال في "المفردات": السبح: المر السريع في الماء، أو في الهواء، والتسبيح: تنزيه الله، وأصله: المر السريع في عبادة الله، وجعل عامًا في العبادات قولًا كان أو فعلًا أو نية.

{مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} الظلمة: عدم النور، ويعبَّر بها عن الجهل والشرك والفسق ونحوها، كما يعبر بالنور عن أضدادها.

{تَحِيَّتُهُمْ} من إضافة المصدر إلى المفعول، كما مر؛ أي: ما يحيون به، والتحية: الدعاء بالتعمير بأن يقال: حياك الله؛ أي: جعل لك حياة، ثم جعل كل دعاء تحية لون جميعه غير خارج عن حصول الحياة، أو سبب حياة، إما لدنيا، وإما لآخرة.

البلاغة

وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:

فمنها: التشبيه البليغ في قوله: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}؛ أي: كتبرج أهل الجاهلية، حذفت أداة التشبيه، ووجه الشبه، فصار بليغًا.

ومنها: عطف العام على الخاص في قوله: {وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} بعد قوله: {وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ} إفادة للتعميم، فإن إطاعة الله ورسوله تشمل كل ما تقدم من الأوامر والنواهي.

ومنها: الاستعارة التصريحية في قوله: {لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} حيث استعار الرجس الذي هو القذر للذنب، بجامع التدنيس في كل؛ لأن الذنب يدنس العرض والقلب، كما أن الرجس يدنس الثوب والبدن، وذكر الطهارة ترشيح.

ومنها: جعل التطهير ترشيحًا لمزيد التنفير عن المعاصي.

ومنها: جناس الاشتقاق في قوله: {وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015