وقيل: المراد: تحية بعضهم لبعض يوم يلقون ربهم: سلام، وذلك لأنه كان بالمؤمنين رحيمًا، فلما شملتهم رحمته، وأمنوا من عقابه .. حيَّا بعضهم بعضًا سرورًا واستبشارًا، والمعنى: سلامة لنا من عذاب النار.
قال الزجاج: المعنى: فيسلمهم الله من الآفات، ويبشرهم بالأمن من المخافات يوم يلقونه.
والإضافة (?) في {تَحِيَّتُهُمْ} من إضافة المصدر إلى المفعول، والضمير عائد على المؤمنين، والضمير في {يَلْقَوْنَهُ} عائد على الله سبحانه؛ أي: ما يحيون به يوم يلقون الله سبحانه عند الموت، أو عند البعث من القبور، أو عند دخول الجنة: سلام؛ أي: تسليم من الله تعالى عليهم تعظيمًا لهم، أو تسليم من الملائكة بشارة لهم بالجنة، أو تكرمة لهم، كما في قوله تعالى: {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ}، أو إخبارًا بالسلامة من كل مكروه وآفة وشدة.
وقيل: الضمير في يلقونه راجع إلى ملك الموت، وهو الذي يحييهم، كما ورد أنه لا يقبض روح كل مؤمن إلا سلم عليه، وعن أنس رضي الله عنه: "إذا جاء ملك الموت إلى وليِّ الله سلَّم عليه، وسلامه عليه أن يقول: السلام عليك يا وليَّ الله، قم فأخرج من دارك التي خربتها إلى دارك التي عمرتها، فإذا لم يكن وليًا لله قال له: قم فأخرج من دارك التي عمرتها إلى دارك التي خربتها" ...
قال بعضهم: عمارة الدنيا: بزرع الحبوب، وتكثير القوت، وجري الأنهار، وغرس الأشجار، ورفع أبنية الدور، وتزيين القصور، وعمارة الآخرة: بالأذكار، والأعمال، والأخلاق، والأحوال. اهـ.
{وَأَعَدَّ} الله سبحانه {لَهُمْ}؛ أي: للمؤمنين في الجنة، وهيأ لهم {أَجْرًا كَرِيمًا}؛ أي؛ ثوابًا حسنًا دائمًا مما تشتهيه أنفسهم، وتلذه أعينهم، وهو نعيم الجنة، وهو بيان لآثار رحمته الفائضة عليهم عقيب بيان آثار رحمته الواصلة إليهم قبل ذلك. وإيثار الجملة الفعلية دون وأجرهم أجر كريم ونحوه؛ لمراعاة الفواصل، وفيه إشارة إلى سبق العناية الأزلية في حقهم؛ لأن في الإعداد تعريفًا بالإحسان السابق،