وتستحييه.

وفي"كشف الأسرار": إنما عوتب - صلى الله عليه وسلم - على إخفاء ما أعلمه الله تعالى أنها ستكون زوجة له. قالت عائشة رضي الله عنها: لو كتم النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا من الوحي .. لكتم هذه الآية: {إِذْ تَقُولُ} الخ، وما نزل على رسول الله آية هي أشد عليه من هذه الآية.

وفي "التأويلات": يشير إلى أن رعاية جانب الحق أحق من رعاية جانب الخلق؛ لأن لله تعالى في إبداء هذا الأمر، وإجراء هذا القضاء حكمًا كثيرة، فالواجب على النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا عرض له أمر أن، في أحدهما رعاية جانب الحق، وفي الآخر رعاية جانب الخلق، أن يختار رعاية جانب الحق على الخلق، فإن للحق تعالى في إجراء حكم من أحكامه، وإصفاء أمر من أوامره حكمًا كثيرة، كما قال تعالى في إجراء تزويج النبي - صلى الله عليه وسلم - بزينب قوله: {لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}.

قال القرطبي: وقد اختلف في تأويل هذه الآية، فذهب قتادة وابن زيد وجماعة من المفسرين منهم ابن جرير الطبري وغيره إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقع منه استحسان لزينب بنت جحش، وهي في عصمة زيد بن حارثة، وكان حريصًا على أن يطلقها زيد، فيتزوجها هو، ثم إن زيدًا لما أخبره بأنه يريد فراقها، ويشكو منها غلظة قول، وعصيان أمر، وأذًى باللسان، وتعظمًا بالشرف قال له: "اتق الله فيما تقول عنها، وأمسك عليك زوجك"، وهو يخفي الحرص على طلاق زيد إياها، وهذا الذي كان يخفي في نفسه، ولكنه لزم ما يجب من الأمر بالمعروف. انتهى.

وحاصل معنى الآية: أي واذكر أيها الرسول حين قولك لمولاك الذي أنعم الله عليه فوفقه للإسلام، وأنعمته عليه بحسن تربيته وعتقه وتقريبه منك: أمسك عليك زوجك زينب، واتق الله في أمرها, ولا تطلِّقها ضرارًا، وتعللًا بتكبرها، وشموخًا بأنفها، فإن الطلاق يثنيها، وربما لا يجد بعدها خيرًا منها، وأنت تعلم أن الطلاق لا بد منه، بما ألهمك الله أن تمتثل أمره بنفسك؛ لتكون أسوةً لمن معك، ولمن يأتي بعدك، وإنما غلبك في ذلك الحيرة، وخشية أن يقولوا: تزوج محمد مطلقة متبناه، فأنت تخفي في نفسك ما الله مبديه من الحكم الذي ألهمك، وتخاف من اعتراض الناس، والله الذي أمرك بهذا كله أحق وحده بأن تخشاه، فكان عليك أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015