والخلاصة: أنه لا ينبغي لمؤمن ولا مؤمنة أن يختارا أمرًا قضى الرسول بغيره، وقال أبو حيان: الخيرة: مصدر من تخير على غير قياس، كالطيرة من تطير. وقرىء بسكون الياء، ذكره عيسى بن سليمان، وقرأ الحرميان (?) - نافع وابن كثير - والعربيان - أبو عمرو وابن عامر - وأبو جعفر وشيبة والأعرج وعيسى: {أن تكون} بتاء التأنيث؛ لكونه مسندًا إلى الخيرة، وهي مؤنثة لفظًا، وقرأ الكوفيون والحسن والأعمش والسلمي: {أَنْ يَكُونَ} بالياء التحتية، واختار هذه القراءة أبو عبيد؛ لأنه قد فرق بين الفعل وفاعله المؤنث بقوله: {لَهُمُ}، مع كون التأنيث غير حقيقي. وعبارة "الشوكاني": والخيرة: مصدر بمعنى الاختيار، وقرأ ابن السميقع: {الخيرة} بسكون الياء، والباقون بفتحها. انتهت.
ثم توعد سبحانه من لم يذعن لقضاء الله وقدره، فقال: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} في أمر من الأمور، ويعمل برأيه. وفي "كشف الأسرار": ومن يعص الله، فخالف الكتاب ورسوله، فخالف السنة {فَقَدْ ضَلَّ} وأخطأ طريق الحق، وعدل عن الصراط المستقيم {ضَلَالًا مُبِينًا}؛ أي: بيّن الانحراف عن سنن الصواب؛ أي: ضلالًا ظاهرًا واضحًا لا يخفى.
والمعنى (?): أي ومن يعصِ الله ورسوله ويخالفهما فيما أمرا ونهيا .. فقد جار ومال عن قصد السبيل، وسلك غير طريق الهدى والرضاد، ونحو الآية قوله: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
وفي "التأويلات النجمية": يشير إلى أن العبد ينبغي أن لا يكون له اختيار بغير ما اختاره الله، بل تكون خيرته فيما اختاره الله له، ولا يعترض على أحكامه الأزلية عند ظهورها له، بل له الاحتراز عن شر ما قضى الله قبل وقوعه، فإذا وقع الأمر .. فلا يخلو إما أن يكون موافقًا للشرع، أو يكون مخالفًا للشرع، فإن يكن موافقًا للشرع .. فلا يخلو؛ إما أن يكون موافقًا لطبعه، أو مخالفًا لطبعه، فإن يكن موافقًا لطبعه .. فهو نعمة من الله يجب عليه شكرها، ان يكن مخالفًا لطبعه .. فيستقبله