والثانية: الإيمان, وهو تصحيح الاعتقاد، وموافقة الباطن الظاهر، فذكرها بقوله: {وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}؛ أي: المصدقين بما يجب أن يصدق به من الفريقين، وهم من يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسوله والقدر خيره وشره، كما ثبت ذلك في الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وفي "التأويلات النجمية" المؤمن (?): من أمنه الناس، وقد أحيا الله قلبه أولًا بالعقل، ثم بالعلم، ثم بالفهم عن الله تعالى، ثم بنور الله تعالى، ثم بالتوحيد، ثم بالمعرفة، ثم أحياه بالله.
قال في "بحر العلوم": ومراد أصحابنا باتحاد الإِسلام والإيمان: أن الإِسلام هو الخضوع والانقياد بمعنى: قبول ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - من عند الله تعالى، والإذعان له، وذلك حقيقة التصديق. ولذلك لم يصح في الشرع أن يحكم على أحد أنه مسلم وليس بمؤمن، أو مؤمن وليس بمسلم، فلا يمتاز أحدهما عن الآخر، ولم يريدوا الاتحاد بحسب المفهوم؛ لأن الإيمان هو تصديق الله فيما أخبر من أوامره ونواهيه ومواعيده، والإِسلام: هو الخضوع والانقياد لألوهيته، وهذا لا يحصل إلا بقبول الأمر والنهي، والوعد والوعيد، والإذعان لذلك، فمن لم يقبل شيئًا من هذه الأربعة .. فقد كفر وليس بمسلم. انتهى.
وعبارة "فتح الرحمن": قوله تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} فإن قلت (?): لِمَ عطف أحدهما على الآخر، مع أنهما متحدان شرعًا؟
قلت: ليسا بمتحدين مطلقًا، بل هما متحدان ما صدقًا لا مفهومًا أخذًا من الفرق بين الإِسلام والإيمان الشرعيين؛ إذ الإِسلام الشرعي: هو التلفظ بالشهادتين بشرط تصديق القلب بما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -، والإيمان الشرعي: عكس ذلك، ويكفي في العطف المقتضي للاختلاف اختلافهما مفهومًا، وإن اتحدا ما صدقًا. انتهت.
والثالثة: القنوت، وهو الطاعة، وذكرها بقوله: {وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ}؛ أي: المداومين على الطاعات، القائمين بها من الفريقين، والقانت: العبد المطيع، وكذا القانتة، وقيل: المداوم على الطاعة والعبادة.