وما ينزل على الرسول من أحكام الدين، ولم ينزل به قرآن، فاحمدن الله على ذلك، واشكرنه على جزيل فضله عليكن، أو اذكرنها وتفكرن فيها لتتعظن بمواعظ الله، أو اذكرنها للناس ليتعظوا بها، ويهتدوا بهداها، أو اذكرنها بالتلاوة لها لتحفظنها, ولا تتركن الاستكثار من التلاوة.

ولا يخفى ما في هذا من الحث على الانتهاء والائتمار فيما كلفنه، كما لا يخفى ما في تسمية ما نزل عليه من الشرائع بالحكمة، إذ فيه الحكمة في صلاح المجتمع في معاشه ومعاده، فمن استمسك به رشد، ومن تركه ضل عن طريق الهدى، وسلك سبيل الردى، والتعرض (?) للتلاوة في البيوت دون النزول فيها مع أنه الأنسب؛ لكونها مهبط الوحي؛ لعمومها جميع الآيات، ووقوعها في كل البيوت، وتكررها الموجب لتمكنهن من الذكر والتذكير بخلاف النزول، وعدم تعيين التالي ليعم تلاوة جبريل، وتلاوة النبي، وتلاوتهن، وتلاوة غيرهن تعلمًا وتعليمًا. قال في "الوسيط": وهذا حث لهن على حفظ القرآن، والأخبار، ومذاكرتهن بها للأحاطة بحدود الشريعة. والخطاب وإن اختص بهن .. فغيرهن داخل فيه؛ لأن مبنى الشريعة على هذين: القرآن والسنة، وبهما يوقف على حدود الله ومفترضاته. انتهى.

ومن سنة القارىء (?) أن يقرأ القرآن كل يوم وليلة، كيلا ينساه، ولا يخرج عن صدره، فإن النسيان، وهو أن لا يمكنه القراءة من المصحف من الكبائر. ومن السنة أن يجعل المؤمن لبيته حظًا من القرآن، فيقرأ فيه منه ما تيسر له من حزبه، ففي الحديث: "إن في بيوتات المسلمين لمصابيح إلى العرش يعرفها مقربو ملائكة السموات السبع والأرضين السبع، يقولون: هذا النور من بيوتات المؤمنين التي يتلى فيها القرآن". ومن السنة أن يستمع القرآن أحيانًا من الغير، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستمع قراءة أبي، وابن مسعود رضي الله عنهما. وكان عمر رضي الله عنه يستمع قراءة أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وكان حسن الصوت، واستماع القرآن في الصلاة فرض، وفي خارجها مستحب عند الجمهور، فعليك بالتذكير والتحفظ والاستماع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015