ولو كان للنساء خاصة لقال: عنكن ويطهركن، وأجاب الأولون عن هذا: بأن التذكير باعتبار لفظ الأهل، كما قال سبحانه: {أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ}، وكما يقول الرجل لصاحبه: كيف أهلك؟ يريد: زوجته أو زوجاته، فيقول: هم بخير.
وقد توسطت طائفة ثالثة بين الطائفتين، فجعلت هذه الآية شاملة للزوجات، ولعلي وفاطمة والحسن والحسين، أما الزوجات .. فلكونهن المرادات في سياق هذه الآيات كما قدمنا, ولكونهن الساكنات في بيوته - صلى الله عليه وسلم -، النازلات في منازله، وأما دخول علي وفاطمة والحسن والحسين .. فلكونهم قرابته وأهل بيته في النسب، ويؤيد ذلك ما روي عن ابن عباس قال: شهدنا رسول الله تسعة أشهر يأتي كل يوم باب علي بن أبي طالب عند وقت كل صلاة، فيقول: "السلام عليكم ورحمة الله، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم، الصلاة يرحمكم الله"، كلَّ يوم خمس مرات، وغير ذلك من الأحاديث المصرحة بأنهم سبب النزول.
وأهل البيت على هذا القول هم كل من كان ملازمًا له - صلى الله عليه وسلم - من الرجال والنساء والأزواج والإماء والأقارب، وكلما كان المرء منهم أقرب، وبالنبي - صلى الله عليه وسلم - أخص وألزم .. كان بالإرادة أحق وأجدر، وقد رجح هذا القول جماعة من المحققين، منهم: القرطبي وابن كثير وغيرهما. وقيل: المراد بالبيت: بيت النسب، فيشمل جميع بني هاشم.
34 - ثم بين ما أنعم به عليهن من أنَّ بيوتهن مهابط الوحي بقوله: {وَاذْكُرْنَ} للناس بطريق العظة والتذكير {مَا يُتْلَى} ويقرأ {فِي بُيُوتِكُنَّ} ومنازلكن {مِنْ آيَاتِ اللَّهِ} سبحانه القرآنية الدالة على العقائد الصحيحية {وَ} الدالة على {الْحِكْمَةِ}؛ أي: على الحكم والأحكام الشرعية؛ أي: من الكتاب الجامع بين كونه آيات الله البينة الدالة على صدق النبوة بنظمه المعجز، وبين كونه حكمة منطوية على فنون العلم والشرائع، وحمل قتادة الآيات على آيات القرآن، والحكمة على الحديث الذي هو محض حكمة، وقال مقاتل: المراد بالآيات والحكمة: أمره ونهيه في القرآن؛ أي (?): واذكرن نعمة الله عليكن إذ جعلكن في بيوت تتلى فيها آيات الله،