والخلاصة: أنه لا يشبهكن أحد من النساء، ولا يلحقكن في الفضيلة والمنزلة أحد إذا اتقيتن؛ أي: إذا استقبلتن أحدًا من الرجال، فلا ترققن الكلام، فيطمع في الخيانة من في قلبه فساد وريبة من فسق ونفاق، وقلن قولًا بعيدًا عن الريبة، غير مطمع لأحد. وتفسير الاتقاء بهذا المعنى - أعني الاستقبال - أبلغ في مدحهن؛ إذ لم يعلق فضلهن على التقوى، ولا علَّق نهيهن عن الخضوع بها؛ إذ هن متقيات لله في أنفسهن، والتعليق يقتضي بظاهره أنهن لسن متحليات بالتقوى، أمر (?) تعالى أن يكون الكلام خيرًا، لا على وجه يظهر في القلب علاقة ما، كما كان الحال عليه في نساء العرب من مكالمة الرجال برخيم الصوت ولينه، مثل كلام المومسات. نهاهن عن ذلك، واتقى بمعنى: استقبل، معروف في اللغة، قال النابغة:
سَقَطَ النَّصِيْفُ وَلَمْ تُرِدْ إِسْقَاطَهُ ... فَتَنَاوَلَتْهُ واتَّقَتْنا بِالْيَدِ
أي: استقبلتنا باليد. وقال في "الكشاف": إن المعنى: إن أردتن التقوى، أو إن كنتن متقيات. اهـ.
وإجمال هذا (?): خاطبن الأجانب بكلام لا ترخيم فيه للصوت، ولا تخاطبنهم كما تخاطبن الأزواج،
33 - ولما أمرهن بالقول المعروف .. أتبعه بذكر الفعل، فقال: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} أي (?): والزمنَ يا نساء النبي بيوتكن، واثبتنَ في مساكنكن، فلا تخرجن لغير حاجة. وقيل: هو أمر من الوقار؛ أي: كنَّ أهل وقار وسكون، والخطاب وإن كان لنساء النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد دخل فيه غيرهن. روي أن سودة بنت زمعة رضي الله عنها من الأزواج المطهرة: ما خطت باب حجرتها لصلاة ولا لحج ولا لعمرة، حتى أخرجت جنازتها من بيتها في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقيل لها: لم لا تحجين ولا تعتمرين؟ فقالت: قيل لنا: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}، وفي الحديث: "خير مساجد النساء قعر بيوتهن".
وأخرج الترمذي والبزار عن ابن مسعود: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن المرأة عورة، فإذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان، وأقرب ما تكون من رحمة ربها، وهي في