للمسلمين والمسلمات من الأجر والكرامة عنده في الدار الآخرة.
قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ ...} الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله - سبحانه - لما أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يخيِّر زوجاته بين البقاء معه والتسريح سراحًا جميلًا، وفهم من هذا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يريد ضررًا لغيره، فمن كان ميله إلى شيء مكنه منه، وترك حظ نفسه لحظ غيره .. ذكر هنا أن زمام الاختيار ليس بيد الإنسان في كل شيء كما أعطي ذلك للزوجات، بل هناك أمور لا اختيار لمؤمن ولا مؤمنة فيها، وهي ما حكم الله فيه، فما أمر به فهو المتبع، وما أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو الحق، ومن خالفهما .. فقد ضل ضلالًا مبينًا.
وعبارة أبي حيان هنا: ومناسبة هذه الآية لما قبلها: أنه تعالى لما ذكر تلك الأوصاف السابقة من الإِسلام فما بعده .. عقب ذلك بما صدر من بعض المسلمين؛ إذ أشار الرسول بأمر وقع منهم الإباء له، فأنكر عليهم؛ إذ طاعته - صلى الله عليه وسلم - من طاعة الله تعالى، وأمره من أمره انتهى.
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ...} الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر (?) ما ينبغي أن يكون عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - مع ربه من تقواه، وإخلاصه له في السر والعلن، وما ينبغي أن يكون عليه مع أهله وأقاربه من راحتهم، وإيثارهم على نفسه فيما يطلبون، كما يومىء إلى ذلك قوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ ...} إلخ .. أرشد عباده إلى تعظيمه تعالى، وإجلاله بذكره، والتسبيح له بكرة وأصيلًا، فهو الذي يرحمهم، وملائكته يستغفرون لهم كي يخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان, وكان بعباده المؤمنين رحيمًا.
أسباب النزول
قوله تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ ...} الآية، سبب نزولها (?): ما أخرجه الترمذي - وحسنه من طريق عكرمة - عن أم عمارة الأنصارية: أنها أتت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: ما أرى كل شيء إلا للرجال، وما أرى النساء يذكرن بشيء، فنزلت هذه الآية: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ ...} إلخ.