يصيبوا مالًا ولا إسارًا، ولم يحتج المؤمنون إلى منازلتهم ومبارزتهم لإجلائهم عن بلادهم، بل كفى الله المؤمنين القتال، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، فلا شيء بعده.
روى الشيخان من حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: "لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، فلا شيء بعده". ورويا أيضًا عن عبد الله بن أوفى: قال: دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الأحزاب، فقال: "اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم".
وروى محمد بن إسحاق: أنه لما انصرف أهل الخندق عن الخندق .. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لن تغزوكم قريش بعد عامكم هذا, ولكنكم تغزونهم". وقد تحقق هذا، فلم تغزهم قريش بعد ذلك، بل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغزوهم، حتى فتح الله تعالى مكة.
{وَكَانَ اللَّهُ} سبحانه {قَوِيًّا} على إحداث كل ما يريده، وإيجاده، إذ قال له؛ كن فكان، {عَزِيزًا}؛ أي: غالبًا قاهرًا على كل شيء، لا يغالبه أحد من خلقه، ولا يعارضه معارض في سلطانه وجبروته؛ أي: وكان الله عزيزًا بحوله وقوته، فردهم خائبين لم ينالوا خيرًا.
26 - ولما قص أمر الأحزاب، وذكر ما انتهى إليه أمرهمِ .. ذكر حال من عاونوهم من اليهود، فقال: {وَأَنْزَلَ} الله سبحانه اليهود {الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ}؛ أي: عاونوا الأحزاب المردودين على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين، حين نقضوا العهد وعاضدوهم عليهم حالة كون المظاهرين {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} وهم بنو قريظة قوم من اليهود بالمدينة من حلفاء الأوس، وسيد الأوس حينئذٍ سعد بن معاذ - رضي الله عنه - {مِنْ صَيَاصِيهِمْ}؛ أي: من حصونهم وقصورهم، جمع صيصية بالكسر، وهي (?) ما يتحصن به، ويجعل وقايةً من المهالك، ولذلك يقال لقرن الثور