وقرأ الجمهور: {أَشِحَّةً} بالنصب على الحال، وقرأ ابن أبي عبلة: {أشحة} بالرفع؛ أي: هم بخلاء حريصون على الغنائم، إذا ظفر بها المؤمنون، لا يريدون أن يفوتهم شيء مما وصل إلى أيديهم.
والخلاصة: أنهم حين البأس جبناء، وحين الغنيمة أشحاء.
أَفِيْ السلم أعيار جفاءً وغلظةً ... وَفِيْ الْحَرْبِ أمْثَالَ النِّسَاءِ الْعَوَاتِكِ
وبعد أن وصفهم بما وصفهم به، من دنيء الصفات .. بين ما دعاهم إليها، وهو قلة ثقتهم بالله، لعدم تمكن الوازع النفسي في قلوبهم فقال: {أُولَئِكَ} الموصوفون بما ذكر من صفات السوء {لَمْ يُؤْمِنُوا} بالإخلاص، حيث أبطنوا خلافًا ما أظهروا، فصاروا أخبث الكفرة، وأبغضهم إلى الله {فَأَحْبَطَ اللَّهُ} سبحانه {أَعْمَالَهُمْ}؛ أي: أظهر بطلانها إذ لم يثبت لهم أعمال تقتضي الثواب فتبطل؛ لأنهم منافقون، وفي هذا (?) دلالة على أن المعتبر عند الله هو العمل المبني على التصديق، وإلا فهو كبناء على غير أساس، أو المراد (?) أبطل تصنعهم ونفاقهم، فلم يبق مستتبعًا لمنفعةٍ دنيوية أصلًا.
وقال الزمخشري: فإن قلت (?): هل يثبت للمنافق عمل حتى يرد عليه الإحباط؟
قلت: لا, ولكن تعليم لمن يظن أن الإيمان باللسان إيمان، وإن لم يواطئه القلب، وأن ما يعمله المنافق من الأعمال يجزى عليه، فبين أن إيمانه ليس بإيمان، وأن كل عمل يوجد منه باطل، انتهى.
والمعنى: أي هؤلاء الذين بسطت أوصافهم لم يصدقوا الله ورسوله، ولم يخلصوا له العمل؛ لأنهم أهل نفاق، فأبطل أعمالهم، وأذهب أجورها، وجعلها هباءً ومنثورًا.