والاستفهام فيه إنكاري، ومذهب (?) سيبويه على أن {مِنَ} الاستفهامية: مبتدأ، و {ذا}: خبره، و {الَّذِي}: صفة أو بدل منه، وذهب بعض النحاة إلى كون: {مَنْ ذَا} خبرًا مقدمًا، والعصمة: الحفظ والمنع؛ أي: قل لهم: من الذي يحفظكم ويدفع عنكم قضاء الله وحكمه {إِنْ أَرَادَ} الله سبحانه {بِكُمْ سُوءًا}؛ أي: شرًا وضررًا وهلاكًا في أنفسكم، أو نقصًا في الأموال، وجدبًا مرضًا {أَوْ} من الذي يصيبكم بسوء وضرر إن {أَرَادَ} الله سبحانه {بِكُمْ رَحْمَةً}؛ أي: نصرةً وإطالة عمر في عافيةٍ وسلامةٍ وخصبًا وكثرة مال، أو المعنى: من يمنع الله من أن يرحمكم، إن أراد بكم رحمةً، لما في العصمة من معنى المنع، ففي الكلام اختصار كما في قوله: متقلدًا سيفًا ورمحًا؛ أي: ومعتقلًا رمحًا، والاعتقال: أخذ الرمح بين الركب والسرج، وكما في قوله: علفتها تبنًا وماءً باردًا.
والمعنى: لا أحد يستطيع أن يدفع عنكم شرًا قدره الله سبحانه عليكم، من قتل أو غيره، ولا أحد يستطيع أن يصيبكم بسوء، إن أراد الله بكم رحمةً، من خصب وملامة وعافيةٍ.
وإجمال القول (?): أن النفع والضر بيده سبحانه، وليس بغيره في ذلك تصريف ولا تبديل.
ثم أكد هذا بقوله: {وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ}؛ أي: ولا يجد هؤلاء المنافقون لأنفسهم {مِنْ دُونِ اللَّهِ}؛ أي: متجاوزين الله سبحانه {وَلِيًّا} يلي أمرهم، ويدفع عنهم السوء قبل الوقوع {وَلَا نَصِيرًا} ينصرهم ويخلصهم من السوء، والضرر بعد الوقوع.
واعلم (?): أن الآية دلت على أمور:
الأول: أن الموت لا بد منه، قال بعضهم: إذا بلغ الرجل أربعين سنة .. ناداه منادٍ من السماء: دنا الرحيل فأعد زادًا، وقال الثوري: ينبغي لمن كان له