عَنْهُمَا - أَنْ يَقْطَعَ لَهُمَا، فَقَطَعَ لَهُمَا قَطِيعَاً بالغَابةِ، وأَخْرَجَهُمَا عَنْ حِصْتِهِمَا عَنْ ثَمَرةِ تِلْكَ الحِيطَانِ، فَمَلَكَتَا مَا أَقْطَعَهُمَا مِنْ ذَلِكَ عُمَرُ إلى أَنْ مَاتتا، وَوُرِثَ ذَلِكَ عَنْهُمَا.
* [قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ]: قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ في صِفَةِ جَهَنَّمَ: (لَهِيَ أَسْوَدَ مِنَ القَارِ) هَكَذا رَوَاهُ يَحْيىَ، ورَوَى غَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ: (لَهِيَ أَشَدُّ سَوَادَاً مِنَ القَارِ)، وَهُوَ الصَّوَابُ، لأَنَّ العَرَبَ لَا تَقُولُ: هَذا أَسْوَدُ مِنْ هَذا، وإنَّمَا تَقُولُ: هُوَ أشَدُّ سَوَادَاً.
قالَ: والقَارُ هُوَ الزِّفْتُ.
* قَوْلُهُ في الصَّدَقةِ الطَّيِّبةِ: "إنَّ الله -جَلَّ وَعَزَّ- يُربِّيهَا لِصَاحِبهَا"، هُوَ مِنْ قَوْلِ اللهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة: 276].
* [قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ]: كَانَ بَيْرُحَاءُ حَائِطَاً لأَبِي طَلْحَةَ الأَنْصَارِيِّ بالمدِينَةِ، وكَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يدْخُلُهُ، وَيشْرَبُ مِنْ مَائِهِ.
قَالَ أَبو عُمَرَ: هَذا أَصْلٌ في الشُّرْبِ مِنْ مَاءِ الأَجِنَّةِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ، فتصَدَّقَ بهِ أَبو طَلْحَةَ، فَقَالَ في ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "هُوَ مَالٌ رَايحٌ"، يَعْنِي: يَرُوحُ عَلَى أَبي طَلْحَةَ -رَحِمَهُ اللهُ- أَجْرَهُ إلى يَوْمِ القِيَامَةِ، ومَنْ رَوَاهَا: "هُوَ مَالٌ رَابِحٌ"- بالبَاءِ مُعْجَمَةٍ بِوَاحِدَةٍ تَحْتَها - فَمَعْنَاهُ: هُوَ مَالٌ كَثيرُ الرِّبْحِ.
وَفِي قَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لأَبِي طَلْحَةَ: "اجْعَلهُ في الأَقْرَبِينَ"، فِيهِ مِنَ الفِقْهِ: أَنْ يَجْعَلَ المُوصَى إليه مَا فَضَلَ بِيَدِه مِنْ وَصِيَّةِ المُوصِي حَيْثُ يَرَاهُ مِنْ [سُوءِ المَخْبَرِ] (?).
وفِيهِ: أَنَّ الصَّدَقَةَ المَوْقُوفَةَ تَرْجِعُ إلى قَرَابةِ المُتَصَدِّقِ بِهَا، إلَّا أَنْ يُسَبِّلَهَا المُتَصَدِّقُ بِهَا في شَيءٍ مِنْ وُجُوهِ البرِّ فَلَا تُحَالُ عَنْهُ.