* قَوْلُ أُمِّ سَلَمَةَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالحُونَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ إذا كثرَ الخَبَثُ"، يَعْنِي: إذا كَثُرَ أَوْلاَدُ الزِّنَا.
قالَ أَبو عُمَرَ: يَدُلُّ هَذا الحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الصَّالِحِينَ قَدْ يَهْلَكُوا بِهَلاَكِ أَهْلِ المَعَاصِي المُجَاهِرِينَ بِهَا، ولَكِنْ يَكُونُ هَلاَكُهُمْ شَهَادَةً لَهُمْ لأَمْرِهِمْ بالمَعْرُوفِ وكَرَاهِيَتِهِمْ لأَفْعَالِ أَهْلِ المَعَاصِي، واللهُ لَا يُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً سُبْحَانَهُ وتَعَالَى.
* وَحَدِيثُ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيزِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَنْ غَيَّرَ عَلَى أَهْلِ المَعَاصِي بِلِسَانهِ أَو بِقَلْبهِ لَمْ يُعَذَّبْ بِعَذَابِ العَامَّةِ، إلَّا عِنْدَ ظُهُورِ المُنْكَرِ، وغَلَبَةِ السُّفَهاءِ، فَتَكُونُ حِينَئِذٍ العُقُوبَةُ نَازِلَةَّ بَأَهْلِ المُنْكَرِ، ويَكُونُ مَوْتُ الصَّالِحِينَ شَهَادَة لَهُمْ، لإنْكَارِهِمْ عَلَى العُصَاةِ المُسْتَحِلِّينَ للمَحَارِمِ (?).
* [قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ]: قَوْلُ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ لِنَفْسِهِ: (وَاللهِ لَتَتَّقِينَ اللهَ -جَلَّ وَعَزَّ- أَو لَيُعَذِّبَنَّكِ) مَعْنَاهُ: لَيُعَذِّبَكِ إنْ جَازَاكِ بِعَمَلِكِ، واللهُ -جَلَّ وَعَزَّ- يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ، وُيعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ.
قالَ مُجَاهِدٌ: الرَّعْدُ مَلَكٌ يَزْجُرُ السَّحَابَ بِسَوْطِهِ، وتَسْبِيحِهِ، وَوَعِيدِه لأَهْلِ الأَرْضِ شَدِيدٌ (?).
* قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا تَرَكتُهُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائي وَمَؤُنَةِ عَامِلِي فَهُوَ صَدَقةٌ"، يَعْنِي بِعَامِلهِ: عُمَّالَ حَوَائِطِه الَّتي مَاتَ عَنْهَا، يُخْرَجُ مِنْ ثَمَرتِهَا نَفَقَةُ نِسَائِهِ، ومَؤُنة عُمَّالِهَا، وَيَتَصَدَّقُوا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الفُقَرَاءِ، فَكَانَتِ النَّفَقَةُ تَجْرِي عَلَى نِسَائِهِ بَعْدَهُ مِنْ ثَمَرِ حَوَائِطِهِ إلى أَيَّامِ عُمَرَ بنِ الخطاب، فَلَمَّا صَارَ الأَمْرُ إليهِ خَيَّرَهُمْ بَيْنَ أَنْ يَتَمَادِيْنَ عَلَى ذَلِكَ، أَو يَقْطَعْ لَهُنَّ قِطَائِعَاً، فَاخْتَارَتْ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ - رَضِيَ اللهُ