[قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: إنَّمَا أَخرَ عُمَرُ المَقَامَ عَنْ أَصْلِ جِدَارِ البَيْتِ، وجَعَلَهُ فِي المَوْضِعِ الذي هُوَ فِيهِ الاَنَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يَذْهَبَ بهِ السَّيْلُ عِنْدَ كَثْرَةِ المَطَرِ، فَيَنْحَدِرُ المَاءُ مِنْ جبَالِ مَكَّةَ، ويَشُقُّ صَحْنَ المَسْجدِ فَلِهَذا أَخَّرَهُ عَنْ مَوْضِع السَّيْلِ.
ومَعْنَى المُلْتَزَم أَنَّهُ مَوْضِعٌ يُلْتَزَمُ الوُقُوفُ فِيهِ للدُعَاءِ، وَهُوَ مِنْ مَوَاضِع الدُّعَاءِ، وقَدِ اسْتَحَبَّ مَالِكٌ الدّعَاءَ عِنْدَهُ، وَهُوَ بِقُرْبِ الرّكْنِ الذي فِيهِ الحَجَرُ الأَسْوَدُ مِنْ نَاحِيةِ مَشْرِقِ الشَّمْسِ، فِيمَا بَيْنَ الرُّكْنِ وبَابِ الكَعْبَةِ.
* [قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: قَوْلُ أَبي ذَرٍّ للرَّجُلِ القَاصِدِ للحَج: (هَلْ نَزَعَكَ غَيْرُهُ؟) [1605]، يَعْنِي: هَلْ خَرَجْتَ مِنْ بَلَدِكَ لِغَيْرِ الحَجّ، فقالَ لَهُ الرَّجُلُ: مَا أَخْرَجَنِي مِنْ بَلَدِي غَيْرَ الحَجِّ وطَلَبِ مَا عِنْدَ اللهِ، فقَالَ لَهُ: (استأنِفِ العَمَلَ)، يُرِيدُ: أَنَّكَ مَغْفُور لَكَ، وصَرْتَ كَيَومِ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ، وهَذا نَحْوِ مَا رَوَاهُ أَبو هُرَيْرَةَ عَنِ النبي - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قالَ: "مَنْ حَجَّ هَذا البَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ، ولَمْ يَجْهَلْ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبهِ كَيَومِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ" (?)، يَعْنِي: مَنْ حَجَّ بِمَالٍ حَلاَلٍ، وتَجَنَّبَ الكَلاَمَ القَبِيحَ، وإصَابَةَ النسَاءِ فِي حَالَةِ الإحْرَامِ، ولَمْ يُؤْذِ أَحَداً مِنَ النَّاسِ بَيَدٍ ولَا لِسَانٍ غُفِرَتْ ذُنُوبهُ.
* [قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَنْكَرَ الزّهْرِيُّ حَدِيثَ الإسْتِثْنَاءِ فِي الحَجِّ ولَمْ يَعْرِفْهُ [1606]، وهَذا الحَدِيثُ الذي أَدْخَلَهُ أَبو بَكْرِ بنُ أَبي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ: "أن ضُبَاعَةَ بِنْتَ الزّبَيْرِ أتَتِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: إني أُرِيدُ الحَجَّ أَفَأَشْتَرِطُ؟ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: نَعَمْ، قَالَتْ: فَكَيْفَ أَقُولُ؟ فَقَالَ لَهَا: قُولي: لَبّيكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، ومَحِلِّي مِنَ الأَرْضِ حَيْثُ حَبَسْتَنِي" (?)، يَعْنِي: حَيْثُ مَا حَبَسَكَ مَرَضٌ أَو غَيْرُهُ حَتَّى فَاتَكَ الحَجُّ أَنَّكَ تَحِلّ مِنْ حَجَّتِكَ وتَرْجِعُ.
[قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: هَذَا حَدِيثٌ غَيْرُ ثَابِتٍ، ولِذَلِكَ أَنْكَرَهُ الزُّهْرِيُّ ولَمْ