* [قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: قَوْلُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ: (إذا كنتَ بينَ الأَخْشَبَيْنِ مِنْ مِنَى) [1602]، يَعْنِي: إذا كُنْتَ بَيْنَ الجَبَلَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي مَشْرِقِ مِنَى وَغَرْبِها، الذي بَطْنُ وَادِي مِنَى بَيْنَهُمَا، (فإنَّ هُنَاكَ وَادِيَاً يُقَالُ لَهُ الشُرَرُ، بهِ سَرْحَة سُرَّ تَحْتَها سَبْعُونَ نَبِيَّاً)، السَّرْحَةُ: الشَّجَرَةُ العَظِيمَةُ مِنْ شَجَرِ الصُّنُوبَرِ أو غَيْرِهَا.
وقَوْلُهُ: (سُرَّ تَحْتَها سَبْعُونَ نَبِيَّا)، يَعْنِي: بُشِّرُوا بالنُبُّوةِ وَهُمْ تَحْتَها فَسُرُّوا بِذَلِكَ، وقِيلَ: وُلِدُوا تَحْتَهَا وقُطِعَتْ سُرَرُهُمْ تَحْتَها، فَدَلَّ بِهَذا عَلَى أَنَّ مِنَى بُقْعَة مُبَارَكَة، لَا يَتِمُّ الحَجُّ إلَّا بإتْيَانِهَا، وفِيهَا تُرْمَى الجِمَارُ، وتُنْحَرُ الهَدَايا، وتُحْلَقُ
الرُّؤُسُ.
* [قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: إنَّمَا نَهَى عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ المَجْذُومَةَ عَنِ الطَّوَافِ بالبَيْتِ [1603] مِنْ أَجْلِ أَئهَا تُؤْذِي النَّاسَ بِرَائِحَتِهَا، ونَظَرِهِم إليهَا، ولِهَذا الحَدِيثِ مُنِعَ الجَذْمَاءُ مُشَاهَدَةَ الجَمْعِ فِي الجَوَامِع [مع] (?) النَّاسِ.
وقَوْلُهَا بَعْدَ مَوْتِ عُمَرَ: (مَا كنتُ لأَطيعُهُ حَيَّاً وأَعْصِيهِ مَيْتاً)، فِيهِ بَيَانُ: أَنَّ مَنْ أَمَرَهُ إمَام عَادِلٌ بأَمْرٍ أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَلْتَزِمَهُ فِي حَيَاةِ الآمِرِ وبَعْدَ مَمَاتِهِ، إذْ الحَقُّ لَا يَمُوتُ بِمَوتِ الآمِرِ.
* [قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: وَقَعَ فِي مُوَطَّأ ابنِ بُكَيْرٍ: مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ: (مَابَيْنَ الرُّكْنَيْنِ والبَابِ المُلْتَزَمُ) (?)، وَوَقَعَ فِي رِوَايةِ يَحْيَى بنِ يَحْيَى: (مَا بَيْنَ الزُكْنِ والمَقَامِ المُلْتَزَمُ) [1604].
قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: رِوَايةُ يَحْيَى بنِ يحيى فِي هَذا صَحِيحَة، وذَلِكَ أَنَّ المَقَامَ كَانَ أَوَّلأ مُلْصَقَاً بالبَيْتِ قَبْلَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ عَنْ أَصْلِ حَائِطِ البَيْتِ إلى المَكَانِ الذي هُوَ فِيهِ اليَوْمَ، فَكَانَ المُلْتَزَمُ حِينَئِذٍ فِيمَا بَيْنَ الرُّكْنِ والمَقَامِ، فَلَمَّا أُزِيلَ المَقَامُ عَنْ مَوْضعه الذي كَانَ فِيهِ صَارَ المُلْتَزَمُ فِيمَا بَيْنَ الرُّكْنِ والبَابَ.