عُمْرَةَ القَضِيَّةِ، ثُمَّ انْصَرفَ إلى المَدِينَةِ، فَلَمَّا أَهَل شَهْرُ رَمَضَانَ خَرَجَ إلى مَكَّةَ بِجُنُودٍ عَظِيمَةٍ فَافْتَتَحَهَا في شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الهِجْرَةِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا إلى حُنَيْنٍ فَسَبَى هَوَازِنَ، ثُمَّ انْصَرفَ إلى مَكَّةَ فَلَمَّا وَصَلَ إلى الجِعْرَانَةَ أَهَلَّ مِنْهَا بِعُمْرَة في ذِي القِعْدَةِ، فَلَمْ يَعْتَمِرْ - صلى الله عليه وسلم - إلَّا ثَلَاثَ عُمَرٍ وَحَجَّ حَجَّةَ الفَرِيضَةِ.
* قالَ أَبو عُمَرَ: رَخَّصَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ لِعُمَرَ بنِ أَبي سَلَمَةَ في العُمْرَةِ في شَوَّالٍ وَهُوَ مِنْ شُهُورِ الحَجِّ [1241] , والمَعْرُوفُ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بالعُمْرَةِ في غَيْرِ أَشْهُرِ الحَجِّ، وذَلِكَ قَوْلُهُ: (افْصُلُوا بَيْنَ حَجَّكِمْ وعُمْرَتكُمِ، فإنَّ ذَلِكَ أتمَّ لِحَجِّ أَحَدِكُمْ، وأَتَمَّ لِعُمْرَتِهِ أَنْ يَعْتَمِرَ في غَيْرِ أَشْهُرِ الحَجِّ) [1259] , والمُسْتَحَبُّ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ تَكُونَ العُمْرَةُ في غَيْرِ شُهُورِ الحَجِّ، وإلى هَذا رَجَعَتْ عَائِشَةُ آخِرَ أَمْرِهَا، فَكَانَتْ إذا حَجَّتْ بَقِيتْ بِمَكَّةَ حَتَّى يَهِلَّ المُحَرَّمُ، ثُمَّ تَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ إلى المِيقَاتِ فتهِلَّ مِنْهُ بِعُمْرَةٍ، فَكَانَ يَقَعُ حَجَّهَا في عَامٍ، وعُمْرَتُهَا في أَوَّلِ عَامِ آخَرَ.
وقالَ ابنُ عَبَّاس: (واللهِ مَا أَعْمَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَائِشَةَ في ذِي الحِجَّةِ إلَّا لِيَقْطَعَ بِذَلِكَ أَمْرَ المُشْرِكِينَ الذينَ كَانُوا يُنْكِرُونَ العُمْرَةَ في شُهُورِ الحَجِّ) (?).
[قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ] (?): اسْتَحَبَّ مَالِكٌ أنْ لا يَعْتَمِرُ الرَّجُلُ في السَّنَةِ إلَّا عُمْرَةً وَاحِدَةً، كَمَا فَعَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، اعْتَمَرَ ثَلَاثَ عُمَرٍ في ثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ.
* [قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ]: مَسْأَلةُ سَعْدِ بنِ أَبي وَقَّاصٍ والضَّحَّاكِ بنِ قَيْسٍ حِينَ تَنَاظَرا في المُتَمَتِّعِ، فقَالَ فِيهَا الضَّحَّاكُ (?): (إنَّهُ لا يَصْنَعُ ذَلِكَ إلَّا مَنْ جَهِلَ أَمْرَ اللهِ) [1247] يُرِيدًالضَّحَّاكُ بِقَوْلهِ هَذَا: إنَّ الله تَبَارَكَ وتَعَالَى ذَكَرَ في كِتَابهِ شُهُورَ