بابُ ذِكْر العُمْرَةِ، وَمَتى تقْطَعُ
التَّلْبِيَة فيَ العُمْرَةِ، وذِكْرِ التَّمَتُعِ
* [قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: ذَكَرَ أَبو دَاوُدَ [السِّجِسْتَانِيُّ] (?) في مُصَنَّفِهِ منْ طَرِيقِ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: "أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - اعْتَمَرَ ثَلَاثًا" (?)، وَهَذا الحَدِيثُ عِنْدَ مَالِكٌ في مُوطَّئهِ بَلَاغٌ [1238] (?).
وسَأَلْتُ أبا مُحَمَّدٍ عَنْ حَدِيثِ ابنِ عَبَّاسٍ الذيْ قالَ فِيهِ: "أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - اعْتَمَرَ أَرْبَعَا: عَامَ الحُدَيْبيةِ، وعَامَ القَضِيَّةِ، وعَامَ الجِعْرَانَةِ، والرَّابِعَةَ التَّي قَرَنَهَا بِحَجَّتِه" (?)، فَقَالَ أَبو مُحَمَّدٍ: عَائِشَةُ أَعْلَمُ النَّاسِ بِهَذا، وَهِيَ التِّي رَوَتْ أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَفْرَدَ الحَجَّ، وأَنَّهُ لَمْ يُقْرِنْ بَيْنَ الحَجِّ والعُمْرَةِ، وإنَّمَا اعْتَمَرَ عُمَرَهُ الثَّلَاثةِ في أَشْهُرِ الحَجِّ مُخَالَفَة مِنْهُ لأَهْلِ الجَاهِلِيّهِ الذينَ كَانُوا يُنْكِرُونَ العُمْرَةَ في شُهُورِ الحَجِّ، وَيرْونَهَا مِنَ الفُجُورِ، فَخَالَفَهُم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَهَلَّ بالعُمْرَةِ عَامَ الحُدَيْبيَّةِ في شَوَّالٍ سنةَ سِتٍّ مِنَ الهِجْرَةِ، وَهِيَ العُمْرَةُ التِّي صَدَّهُ فِيهَا المُشْرِكُون عَنِ الَبَيْتِ، وَالحُدَيْبيَّةُ مِنْ نَاحِيةِ جُدَّةَ، في طَرَفِ الحَرَمِ، فَحَلَّ بِهَا مِنْ إحْرَامِهِ هُوَ وأَصْحَابُهُ، ونَحَرُوًا الهَدْيَ وحَلَقُوا، وقَاضَى أَهْلَ مَكَّةَ أَنْ يَأْتِيهِمْ في العَامِ الثَّانِي، فَيُخَلّوا بَيْنَهُ وبَيْنَ البَيْتِ، فَأَتَاهُمْ في العَامِ الثَّانِي في ذِي القِعْدَةِ سَنَةِ سَبْعٍ مِنَ الهِجْرَةِ، فَاعْتَمَرَ