والتَّمَتُعَ يُوجِبَانِ علَى مَنْ فَعَلَهَا الهَدْيَ، والهَدْيُ أَبَدًا إنَّمَا يَلْزَمُ في الحَجِّ بِسَببِ تَوْهِيمٍ يَقَعُ في عَمَلِهِ كَسَجْدَتِي السَّهُوِ في الصَّلَاةِ إنَّمَا هُوَ لِتَوهِيمٍ يَقَعُ في الصَّلَاةِ، والإفْرَادُ بالحَجِّ لا يَجِبُ مَعَهُ هَدْيٌ ولَا غَيْرُه، ولِذَلِكَ التَزَمَهُ أَبو بَكْرٍ وَعُمَرُ وعُثْمَانُ، حَتَّى أَنَّ عُثْمَانَ كَانَ يَنْهَى عَنْ أَنْ يُقْرَنَ بَيْنَ الحَجِّ والعُمْرَةِ، وكَانَ عَلَيٌّ يَرَى القِرَانَ مُبَاحًا عَلَى نَحْوِ مَا أَبَاحَهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَصْحَابِهِ، وَلِذَلِكَ غَضِبَ حِينَ رَاجَعَهُ في ذَلِكَ عُثْمَانُ حِينَ قَالَ لَهُ: (ذَلِكَ رَأْيِي)، فقالَ عَلَيٌّ -رَحِمَهُ اللهُ- حِينَئِذٍ: (لَبَّيْكَ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ) [1209] , وإنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ عَلِيٌّ إذْ خَشِيَ أَنْ تَذْهَبَ سُنَّةَ القِرَانِ التّي أَبَاحَهَا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لأصْحَابهِ في حَجَّةِ الوَدَاعِ.

* قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: لَيْسَ في قَوْلِ عَلَيٍّ: (لَبَّيْكَ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ)، دَلِيل لِمَنْ يَرَى إرْدَافَ العُمْرَةِ عَلَى الحَجِّ، إذْ جَائِز أَنْ يَكُونَ عَلَيٌّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَوَّلَا عِنْدَ إحْرَامِهِ مِنَ المِيقَاتِ، وَجَائِز أَنْ يَهِلَّ أَوَّلَا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ أَرْدَفَ الحَجَّ عَلَيْهَا، وقَدْ رَوَى غَيْرُ يحيى عَنْ مَالِكٍ في مَوْطَّئِهِ مِنْ طَرِيقِ عَلَيِّ بنِ أَبي طَالِبٍ في هَذا الحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ: (لَبَّيْكَ بِعُمَرَةٍ وَحَجَّةٍ مَعً) [1209] , (?)، على مَعْنَى: أَنْ يَرْدِفَ الأَكْثَرَ عَمَلًا -وَهُوَ الحَجِّ- عَلَى الأَقَلِّ عَمَلًا، وَهِيَ العُمْرَةُ.

* [قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: مَعْنَى قَوْلِ ابنِ عُمَرَ حِينَ أَهَلَّ بالعُمْرَةِ مِنَ المِيقَاتِ، ثُمَّ قَالَ: (إنْ صُدِدْتُ عَنِ البَيْتِ صَنَعْنَا كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) [1212] , يَعْنِي: كَمَا صَنَعُوا مَعَهُ عَامَ الحُدَيْبيّةِ حينَ صَدَّهُمْ المُشْرِكُونَ عَنِ البَيْتِ فَحَلُّوا بِهَا مِنْ عُمْرَتِهِمْ وَنَحَرُوا وَحَلَقُوا، فَلِذَلِكَ قالَ ابنُ عُمَرَ: (مًا أَمْرُهُمَا إلَّا واحدٌ)، يَعْنِي: أَمْرَ الحَجِّ والعُمْرَةِ وَاحِدٌ فِيمَنْ صُدَّ عَنِ البَيْتِ وَهُوَ مُحْرِمٌ، إمَّا بِحَجَّةٍ أَو بِعُمْرَة أَنَّهُ يَحِلُّ مِنْ إحْرَامِهِ، وَيرْجِعُ إلى بَلَدِهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015