[قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: الإهْلَالُ رَفْعًالصَّوْتِ بالتَّلْبيَةِ، إجَابَةُ دَعْوَةِ إبْرَاهِيمَ - صلى الله عليه وسلم -، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج: 27] , فَدكَر أَنَّهُمْ يَأتُونَ مَكَّةَ رِجَالًا وَرُكْبَانًا.
ومَعْنَى (لَبَّيْكَ اللهُمَّ لَبَّيْكَ) أَيْ: إجَابَةً لَكَ بَعْدَ إجَابَةٍ.
ومَعْنَى: (سَعْدَيْكَ) أَيْ: مُسَاعَدَةً لَكَ بَعْدَ مُسَاعَدَة عَلَى أَدَاءِ مَا أَوْجَبْتَهُ لَكَ عَلَيْنَا مِنْ فَرْضِ الحَجّ، فَالحَجُّ فَرْضٌ علَى المُسْتَطِيعِينَ البَالِغِينَ الأَحْرَارِ، مَرَّةً في العُمُرِ، وقَدْ سَأَلَ الأَقْرَعُ بنُ حَابسٍ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ نزلَ فَرْضُ الحَجِّ، فقالَ: "يا رَسُولَ اللهِ، الحَجّ في كُلِّ عَامٍ أَو مَرَّةً وَاحِدَةً في العُمُرِ؟ فقالَ: بَلْ مَرَّةً وَاحِدَةً، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ مُتَطَوِّع" (?).
قالَ ابنُ أَبي زيدٍ: السَّبيلُ إلى الحَجِّ الطَّرِيقُ السَّابِلَةُ التِّي يَأْمَنُ الإنْسَانُ في سُلُوكِهَا على نَفْسِهَا، والزَّادُ المَبْلَغُ، والقُوَّةُ علَى الوُصُولِ إلى مَكَّةَ، إمَّا رَاجِلًا، وإمَّا رَاكِبًا مَعَ صَحَّةِ البَدَنِ.
[قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: رَوَى أَشْعَثُ بنُ سَوَّارٍ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ: "أَنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الظُّهْرَ بِذِي الحُلَيْفَةِ، ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ، فَلَمَّا عَلَا عَلَى شَرَفِ البَيْدَاءِ أَهَلَّ" (?).
* قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: شَرَفُ البَيْدَاءِ هُوَ الشَّرَفُ الذي قُدَّامُ ذِي الحُلَيْفَةِ في طَرِيقِ مَكَّةَ، وأَنْكَرَ ابنُ عُمَرَ هَذا الحَدِيثِ، وقَالَ: (بَيْدَاؤكمْ هَذِه التِّي تَكْذِبُونَ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيهَا، مَا أهَلَّ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -يَعْنِي بالحَجِّ- إلَّا مِنْ عِنْدِ مَسْجِدِ ذِي الحُلَيْفَةِ، ومَنْ قَالَ: إنَّهُ إنَّمَا ابْتدَأَ الإهْلَالَ مِنَ البَيْدَاءِ فَقَدْ كَذَبَ، وإنمَا بَدَأ بالإهْلَالِ مِنْ عِنْدِ بَابِ المَسْجِدِ حِينَ اسْتَوتَ بهِ رَاحِلَتِهِ) [1194].