يُصَيِّرُوا إليهِ الخِلَافَةَ، فَلَمَّا صَحَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ دَخَلَ في إحْرَامِهِ، وَرَأَهُمْ أَنَّهُ في عَمَل مِنْ أَعْمَالِ الآخِرَةِ، لِكَي يَسْلَمَ مِنَ الفَرِيقَيْنِ.
وأَجْمَعَ المُسْلِمُونَ على أنَّ مَنْ اهَلَّ بِحَج أو عُمْرَةٍ مِنْ قَبْلِ مِيقَاتِهِ أنَّهُ يَلْزَمُهُ الإحْرَامُ.
قُلْتُ لَهُ: فَحَدِيثُ المُعَافَى بنِ عِمْرَانَ، [عن أَفْلَحِ بنِ حُمَيْدِ]، عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أنَّهَا قَالَتْ: "وَقَّتَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لأَهْلِ العِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ" (?)، فقالَ لِي: الصَّحِيحُ في هَذا تَوْقِيتُ عُمَرَ لأَهْلِ العِرَاقِ ذَاتِ عِرْقٍ، في إيَّامِهِ افْتُتِحَ العِرَاقُ (?).
قالَ مَالِكٌ: مَنْ جَاوَزَ مِيقَاتَهُ غَيْرَ مُحْرِمٍ مِمَّنْ يُرِيدُ الحَجَّ أَو العُمْرَةَ رَجَعِ إليهِ إنْ كَانَ قَرِيبًا فَأَحْرَمَ مِنْهُ، وإنْ بَعُدَ وَخَشِيَ فَوَاتَ الحَجِّ أَهَلَّ مِنْ مَكَانِهِ، وكَان عَلَيْهِ دَمٌ لِمُجَاوَزَتهِ مِيقَاتِهِ غَيْرِ مُحْرِمٍ.
* [قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: إنَّمَا اعْتَمَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الجِعْرَانَةِ عَامَ الفَتْحِ حِينَ انْصَرَفَ مِنْ حُنَيْنٍ لِكَيْ يَدْخُلَ مَكَّةَ مُحْرِمًا، فأحْرَمَ بِعُمْرَةٍ مِنَ الجِعْرَانَةِ، وَهِيَ في الِحلِّ قَرِيبٌ مِنَ الحَرَمِ، وَكَانَ هَذا قَبْلَ فَرْضِ الحجِّ [1190].
* ومِنْ هَذا الحَدِيثِ قَالَ العُلَمَاءُ: إنَّهُ لا يَعْتَمِرُ أَحَدٌ مِنْ جَوْفِ مَكَّةَ، وَقَدْ أَمَرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - عَائِشَةَ حِينَ اعْتَمَرتْ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ مَكَةَ إلى الحِلِّ فتَهِلَّ مِنْهُ بِعُمْرَة [1147] لِكَي تَجْمَعَ في عُمْرَتها بَيْنَ حِلٍّ وَحَرَمٍ.