يَصِيرُ في الآجِلِ بَيْعُ فِضَّةٍ وعَرضٍ نَقْداً بفِضةٍ إلى أَجَلٍ، أَو ذَهبا نَقْداً وعَرضَاً بِذَهبٍ إلى أَجَلٍ، ولَا يَجُوزُ ذَلِكَ، لأَنَّ الذَّهَبَ بالفِضَّةِ رِبَاً، إلَّا هَاءَ وَهَاءَ.
وقَالَ ابنُ عبدِ الحَكَمِ: إذا كَانَتِ الفِضَّةُ أو الذَّهَبُ في السَّيْفِ أَوفي المُصحَفِ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ بِيعَ ذَلِكَ بالعُرُوضِ، يَدَاً بِيَدٍ، وإلى أَجَلٍ.
* قالَ أَبو المُطَرِّفِ: بَيَّنَ النبيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّ المُنَاجَزَةَ إذا لَمْ تَكُنْ في الصَّرفِ كَانَ ذَلِكَ رِبَاً، ولِذَلِكَ قالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عنهُ -: (وإن استنَظَرَكَ إلى أَنْ يَلجَ بَيتَهُ فَلَا تُنْظِرهُ)
ورَوَى غَيْرُ مَالِكٍ حَدِيثَ عُمَرَ هذا عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: "الذّهبُ بالوَرِقِ رِبَاً، إلَّا هاءَ وَهاءَ، والبُرُّ بالبُرِّ رِبَاً، إلَّا هاءَ وَهاءَ، والشَّعِيرُ بالشَعِيرُ رِباً، إلَّا هاءَ وَهاءَ، والمِلْحُ بالمِلْحِ رِباً، إلَّا هاءَ وَهاءَ" (?).
وهكَذا أَيْضَاً رَوَاهُ عُبَادَةُ بنُ الصَّامِتِ عَنِ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (?).
ومَعنَى قَوْلهِ: "هاءَ وَهاءَ" أَي: خُذْ وَاعطِي، يُرِيدُ يَدَاً بِيَدٍ.
قَوْلُ ابنِ أَبي زَيْدٍ: لَمَّا ذَكَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحَدِيثِ أَعلَى الأَقْوَاتِ، وَهُوَ البُرُّ، وذَكَرَ أَقَلَّ المُؤْتَدِمَاتِ وَهُوَ المِلْحُ، أَلْحَقَ العُلَمَاءُ مَا لَمْ يُسَمَّ مِنْ قُوتٍ أَو إدَامٍ بِمَا سَمَّى مِمَّا يَشْبههُ في تَخرِيمِ التَّفَاضُلِ في الجِنْسِ الوَاحِدِ، وقَد نَهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عامِلَهُ على خَيْبَرَ أَنْ يُبَادِلَ الجَمعَ بالجَنِيبِ مُتَفَاضِلاً، فَلَمَّا لم يَجُزْ ذَلِكَ في الجَنِيبِ مِنْهُ بالجَمْعِ، وَهُمَا اسْمَانِ، إلَّا أَنَّهُمَا في النَّفْع وفِي الخِلْقَةِ مُشْتَبهانِ كَانَ كَذَلِكَ كُلَّ مَا أَشْبَة التَّمرَ مِنَ الطَعَامِ.
قالَ: ولَيْسَ إفْرَادُ الشَّعِيرِ بالتَّسْمِيةِ الذي يمنَعُ أَنْ يَكُونَ لَهُ حُكْمُ البُرِّ، وقَدْ جَمَعَ المُسْلِمُونَ بَيْنَ الضَّأنِ والمَعزِ في الزَّكَاةِ، فَكَذَلِكَ حُكْمُ الشَّعِيرِ والقَمْحِ أَنْ يُجْمَعَا في الزَّكَاةِ والبَيع والمُبَادَلَةِ، لأَنَّهُمَا صِنْفٌ وَاحدٌ.