رُوِي أيضًا عَنْ ابنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: (لا تُحَرِّمُ إلَّا [سَبْعُ] (?) رَضَعَاتٍ) (?).
قالَ ابنُ أَبِي زَيْدٍ: فهَذا كُلُّهُ يُضْعِفُ حَدِيثَ: (لَا تَحْرُمُ المَصَّةُ ولَا المَصَّتَانِ)، وقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ: (لَا تَحْرُمُ إلَّا عَشْرُ رَضَعَاتٍ)، وأَرْسَلَتْ سَالِمَ بنَ عبدِ اللهِ إلى أُخْتِهَا أُمِّ كُلْثُومٍ بنتِ أَبِي بَكْرٍ، فقَالَتْ: (أَرْضِعِيهِ عَشْرَ رَضَعَاتٍ حتَّى يَدْخُلَ عليَّ إذا كَبِرَ)، لِكَي تَكُونَ خَالَتُهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَأَرْضَعَتْهُ أُمُّ كُلْثُومٍ ثَلاَثَ رَضَعَاتٍ، فَكَانَ سَالِمٌ لا يَدْخُلُ علَى عَائِشَةَ إلَّا وبَيْنَهُ وبَيْنَها حِجَابٌ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ لَمْ تُتِمَّ لَهُ عَشْرَ رَضَعَاتٍ [2239].
" قَوْلُ ابنِ المُسَيَّبِ: (كُلُّ مَا كَانَ في الحَوْلَيْنِ مِنَ الرَّضَاعِ وإنْ كَانَتْ قَطْرَةً فَهُو يُحَرِّمُ، ومَا كَانَ بَعْدَ الحَوْلَيْنِ مِنَ الرَّضَاعِ فإنَّمَا هُوَ طَعَامٌ يَأْكُلُه المُرْضِعُ) [2242]، يُرِيدُ: أنَّهُ لَا يُحَرِّمُ الرَّضَاعُ الذي يَكُونُ بَعْدَ الحَوْلَيْنِ كَمَا لَا يُحَرِّمُ الطَّعَامُ.
وقالَ مَالِكٌ: مَا زَادَ على الحَوْلَيْنِ بالشَّهْرِ ونَحْوِه فإنَّهُ يُحَرِّمُ كَمَا يُحَرِّمُ في الحَوْلَيْنِ، ومَا زَادَ على ذَلِكَ فلَا يُحَرِّمُ (?).
قالَ ابنُ أَبِي زَيْدٍ: أَنْكَرَ بَعْضُ النَّاسِ عَنْ مَالِكٍ هَذه القَوْلَةَ، واحْتَجُّوا بأن اللهَ تَبَارَكَ وتَعَالَى قالَ: {حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: 233] في الرَّضَاعِ، وقالَ: والآيةُ مُحْتَمِلَةٌ لِمَا قَالَهُ مَالِكٌ، وذَلِكَ أَنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- لَمَّا قَالَ: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} دَلَّ على أَنَّهُ مَنْ لَمْ يُرِدْ أَنْ يُتِمَّهَا أَنَّ