بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1]، فَمَنْ عَقَدَ على نَفْسِهِ عَقْدًا لَزِمَهُ مَا عَقَدَهُ على نَفْسِهِ إذا فَعَلَ الذي حَلَفَ عَلَيْهِ.
قالَ أَبو المُطَرِّفِ: إذا تَظَاهَرَ الرَّجُلُ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ في كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ الظِّهَارَ لَيْسَ هُوَ لِحَلِّ عُقْدَةَ نِكَاحٍ، وإنَّمَا هُوَ للكَفَّارَةِ، فَلِذَلِكَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وهذَا بِخِلاَفِ قَوْلِ الرَّجُلِ لأَرْبَعِ نِسْوَةٍ لَهُ: (أَنْتُنَّ طَوَالِقُ) أَنَّهُنَّ يَطْلُقْنَ عَلَيْهِ، لأن الطَّلاَقَ هُوَ لِحَلِّ عُقْدَةَ النِّكَاحِ، فَلِهَذا يَطْلُقَنَ عَلَيْهِ.
قالَ أَبو المُطَرِّفِ: نَزَلَتْ آيَةُ الظِّهَارِ في أَوْسِ بنِ الصَّامِتِ، قَالَ لِزَوْجَتِهِ خَوْلَةَ: (أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي)، فَأَتَتِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَشَكَتْ ذَلِكَ إليه، وألَحَّتْ في الشَّكْوَى، فأَنْزَلَ اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ} [المجادلة: 1]، إلى آخر الكَفَّارَاتِ (?).
* قَوْلُ مَالِكٍ: (الظِّهَارُ مِنْ ذَوَاتِ المَحَارِم مِنَ الرَّضَاعِ والنَّسَبِ) [2062]، قالَ أَبو المُطَرِّفِ: مَعْنَاهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عليَّ كَظهْرِ أُمِّي مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَو كَظَهْرِ أُمِّي مِنَ النَّسَبِ، فإذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ مِنَ النَّاسِ وَقَعَ هَهُنا الإخْتِلاَفُ.
فَقَالَ أَصْبَغُ: لَيْسَ عَلَيْهِ ظِهَارٌ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ فَرْجَ الأَجْنَبِيَّةِ لَهُ حَلاَلٌ يَوْمًا مَا.
وقالَ غَيْرُهُ: يَلْزَمُهُ في الأَجْنَبيَّةِ الظِّهَارُ، لأَنَّ فَرْجَ الأَجْنَبيَّةِ في وَقْتِ قَوْلِهِ ذَلِكَ
عَلَيْهِ حَرَامٌ، كَبَعْضِ المُحَرَّمَاتِ مِنْ أَقَارِبِهِ، فَلِذَلِكَ يَلْزَمُهُ فيَ الأَجْنَبِيَّةِ الظِّهَارُ.
وقالَ ابنُ المَاجِشُونَ: إذا قَالَ الرَّجُلُ لامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ، أَنَّهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ.
قالَ أَبو عُمَرَ: القَوْلُ في هَذه المَسْأَلةِ أنَّ الظِّهَارَ يَلْزَمُهُ، ولَا يَلْزَمُهُ طَلاَقٌ، لأَنَّ