لأَنَّ رَجْعَةُ المُولي لا تَصِحُّ إلَّا بالوَطْءِ، إلَّا أَنَّ عَلَيْهَا العِدَّةَ، لِخِلْوَتِهِ بِها، ولِكَي يَدْخُلَ الزَّوْجُ الذي يَتَزَوَّجُهَا على رَحِمٍ بَرِيءٍ مِنَ [الحَمْلِ] (?).
* قالَ أَبو المُطَرِّفِ: لَمْ يَلْزَمْ مَنْ حَلَفَ أنْ لَا يَطَأ امْرَأَتَهُ حتَّى تَفْطِمَ وَلَدَها مِنَ الرَّضَاعٍ مَا يَلْزَمُ المُولِي، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدِ الضَّرَرَ بِزَوْجَتِهِ، وإنَّمَا أَرَادَ مَصْلَحَةَ ابْنِهِ وتحَصُّنِ لَبَنُ الرَّضَاعِ لَهُ، وقَدْ كَانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - هَمَّ أنْ يَنْهَى عَنِ الغِيلَةِ [2252]، والغِيلَةُ أَنْ يَطَأَ الرَّجُلُ امْرَأةً وَهِيَ تُرْضِعُ، وذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَقُولُونَ: إنَّ مَنْ وَطِءَ امْرَأتهُ مُدَّةَ رَضَاعِهَا ابْنِهَا كَانَ ذَلِكَ نُقْصَانًامِنْ قُوَّةِ الوَلَدِ، فَهَمِّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَنْهَى عَنْ وَطْءِ التِّي تُرْضِعُ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الرُّومَ وفَارسَ يَطَئُون نِسَائَهَمُ في حَالةِ الرَّضَاعِ فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ أَوْلاَدَهُمْ، فَتَرَكَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ.
* قالَ أَبو المُطَرِّفِ: أَمْرُ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عنهُ - مَنْ قَالَ لامْرَأَةٍ أَجْنَبيَّةٍ مِنْهُ: (إنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ عليَّ كَظَهْرِ أُمِّي)، أنَّهُ إنْ تَزَوَّجَهَا لا يَطَأهَا حتَّى يُكًفِّرَ كَفَّارَةَ المُتَظَاهِرِ [2057]، وإنَّمَا أَمَرَهُ بِذَلِكَ لأنَّهُ أَلْزَمَ نَفْسَهُ شَرْطَاً إنْ وَقَعَ لَزِمَهُ، فَلَمَّا أَوْقَعَهُ بِتَزْوِيجِه إيَّاهَا لَزِمَتْهُ الكَفَّارَةُ، ولَوْ قَالَ لَهَا: (أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أمِّي) ولَمْ يَقُلْ: (إنْ تَزَوَّجْتُكِ)، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيءٌ، لأَنَّهُ لَمْ يَعْقِدْ فِيهَا على نَفْسِهِ شَرْطَاً إنْ وَقَعَ لَزِمَهُ.
وقَاسَ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ قَوْلَ الرَّجُلِ لامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ مِنْهُ: (إنْ تَزَوَّجْتُكِ فأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي)، وهَذا هُوَ القِيَاسُ الصَّحِيحُ، وإنَّمَا القِيَاسُ الفَاسِدُ مَنْ قَاسَ على غَيْرِ أَصْلٍ، ومَنْ قَالَ: لَا طَلاَقَ قَبْلَ نِكَاحٍ ولَا عِتْقٍ قَبْلَ مِلْكٍ، فَمَعْنَاهُ: أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لامْرَأةٍ أَجْنَبيَّةٍ مِنْهُ: (أَنْتِ طَالِقٌ)، أَو يَقُولَ لِغُلاَمِ غَيْرِه: (أَنْتَ حُرٌّ)، فهَذا لَا يَلْزَمُهُ طَلاَق ولًا عِتْقٌ، وأَمَّا مَنْ عَقَدَ قَوْلَهُ بِفِعْلٍ مَا، ثم أَوْقَعَ الذِي عَقَدَ بهِ قَوْلَهُ فَقَدْ لَزِمَهُ مَا أَلْزَمَهُ نَفْسَهُ، وقَدْ قَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا