تَرَاضَى عَلَيْهِ الأَهْلُونَ" (?)، فَهُو حَدِيثٌ غَيْرُ ثَابِتٍ، رَوَاهُ الحَجَّاجُ بنُ أَرْطَأَةَ، عَنِ ابنِ المُغِيرَةِ (?) - وَهُوَ رَجُلٌ مَجْهُولٌ - عَنِ ابنِ البَيْلِمَانِيِّ، وابنُ البَيْلَمَانِيِّ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ولَوْ ثَبَتَ هذَا الحَدِيثُ لَلَزِمَ مَنْ تَعَلَّقَ بهِ أَنْ يُجِيزَ النِّكَاحَ على حَبّةٍ وتِبْنَةٍ ومَا لَا قِيمَةَ لَهُ إذا تَرَاضَيا بِذَلِكَ، ولَمْ يَكُنْ أَحَدٌ عَادِمًا للطَّوْلِ في صُدَاقِ الحَرَائِرِ.
وأَمَّا حَدِيثُ الحَارِثِ بنِ نبهَانَ، عَنْ أَبي هَارُونَ العَبْدِيِّ، عَنْ أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا يَضُرُّكُمْ إذا تَزَوَّجَ أَحَدُكُمْ بِقَلِيلٍ أَو كَثيرٍ إذا تَرَاضَيْتُم وأَشْهَدْتُمْ" (?)، قالَ ابنُ أَبي زَيْدٍ: وهذَا حَدِيثٌ ليسَ بِثَابِتٍ، إذ رِوَايةُ الحَارِثِ بنِ نَبْهَان وأَبي هَارُونَ العَبْدِيِّ لا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِما، ولَيْسَتْ بِحُجَّةٍ، ولَوْ ثَبَتَ هذَا الحَدِيثُ لَمْ يَكُنْ فيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ تَعَلَّقَ به، إذ لَا تَوْقِيتَ فِيهِ، وإنَّمَا في هذَا الحَدِيثِ إبَاحَةٌ للتَّقْلِيلِ والتَّكْثِيرِ، ولَكِنْ للتَّقْلِيلِ نِهَايَةٌ لا يَجُوزُ دُونَها، ولَا دَلِيلَ عَلَيْهَا إلَّا مِنْ غَيْرِ هذَا الحَدِيثِ.
وعِلْمُ مَالِكٍ أَنَّهُ له بدَّ مِنْ تَوْقِيتٍ في الصَّدَاقِ، فأَخَذَ في ذَلِكَ بأَقَلِّ مَا بَلَغَهُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابةِ، وَهُوَ عبدُ الرَّحمنِ بنُ عَوْفٍ، واسْتَدَلَّ على ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ كِتَاب اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- أَنَّهُ قَدْ يُسْتَبَاحُ عُضْوٌ مِنْهَا في رُبْعِ دِينَارٍ إنْ سَرَقَتْ ذَلِكَ، فَوَجَبَ بِهَذا أَلَّا يُسْتَبَاحَ فَرْجُهَا بأَقَلَّ مِنْ رُبعِ دِينَارٍ.
وأَخبرنَا أَبو عِيسَى (?)، قالَ: حدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ بنُ يَحْيىَ (?)، عَنْ أَبيهِ، قالَ: مَنْ