النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بتَعْلِيمِه إيَّاهَا، فهذَا كُلُّه يَدُكُ على الخُصُوصِ، ولَهِذا لَمْ يُجِزْ أَهْلُ المَدِينَةِ النِّكَاحَ بِتَعْلِيمِ القُرْآنِ.
قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: مَعْنَى قَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في هذَا الحَدِيثِ: "التَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ" إنَّمَا ضَرَبَهُ مَثَلًا على جِهَةِ التَّقْلِيلِ، كَمَا قَالَ في الأَمَةِ الزَّانِيَةِ: "بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ مِنْ شَعْرٍ" (?)، ولَمْ يُرِدْ أَنْ تُبَاعَ بِحَبْلٍ مِنْ شَعْرٍ، فَكَذَلِكَ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَكُونَ خَاتَمَا مِنْ حَدِيدٍ صُدَاقُ امْرَأَةٍ.
قالَ مَالِكٌ: وأَقَلُّ الصَّدَاقِ رُبْعُ دِينَارٍ.
قالَ ابنُ أَبي زَيْدٍ: أَقَلُّ مَا يُوجَدُ عَنِ الصَّحَابةِ في مِقْدَارِ الصَّدَاقِ تَزْوِيجُ عبدِ الرَّحمنِ بنُ عَوْفٍ على زِنَةِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ (?)، وذَلِكَ نَحْو رُبْعِ دَيِنَارٍ، وإنْ كَانَ قَد اخْتُلِفَ في تَقْدِيرِهَا.
وحَدِيثُ النَّعْلَيْنِ لا يُعْلَمُ لَهُ تَوْقِيتٌ في الصَّدَاقِ، إذ قَدْ تُجَاوِزُ قِيمَةُ النَّعْلَيْنِ الرُّبع دِينَارٍ الذي حَدَّهُ مَالِكٌ في الصَّدَاقِ.
وحَدِيثُ النَّعْلَيْنِ رَوَاهُ عَاصِمُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ: "أنَّ امْرأَةً تَزَوَّجَتْ بِنَعْلَيْنِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ لَها: أَرَضِيتِ مِنْ نَفْسِكِ ومَالِكِ بِهَذَيْنِ النَّعْلَيْنِ؟ (?).
قالَ ابنُ أَبي زيدٍ: وقَدْ تَكَلَّمَ النَّاسُ في عَاصِمِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ الذِي رَوَى هذا الحَدِيثَ، ولَو ثَبَتَ حَدِيثُهُ لَمْ يَكُنْ مَنْ تَعَلَّقَ بهِ أَسْعَدَ مِمَّن [روَى] (?) حَدِيثَ الصَّدَاقِ رُبع دِينَارٍ، إذ لَيْسَ فِيهَا ذِكْر لِقِيمَةِ النَّعْلَيْنِ، وقَدْ يَجُوزُ أَنْ يُجَاوِزَ قِيمَتَها رُبْعَ دِينَارٍ.
وأَمَّا حَدِيثُ ابنِ البَيْلِمَانِيِّ الذي قالَ فيهِ، أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "الصَّدَاقُ مَا