مَاتَ، وقدْ يُمْكِنُ أَنْ يَتَمَعَّكَ والسَّهْمُ فِيهِ لَمْ يَنْفُذْ مُقَاتَلَهُ، فَيَكُونُ تَمَعَكُهُ سَبَبًا لِدُخُولِ السَّهْمِ فِيهِ، ولَيْسَ ذَلِكَ بِذَكَاة، فَلَمَّا شَكَّ فِيهِ لَمْ يَجُزْ أَكَلُهُ، ولِذَلِكَ يُكْرَهُ أَكْلُ مَا صِيدَ بالسَّهْمِ المَسْمُومِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَا يَدْرِي مَنْ قَتَلَ ذَلِكَ الصَّيْدَ، إنْ كَانَ السَّهْمُ أَو السُّمُّ الذي سُمَّ بهِ ذَلِكَ السَّهْمُ، وقَتْلُ السُّمِّ لَيْسَ بِذَكَاةٍ، وَلِمَا يُخَافُ على آكِلِ ذَلِكَ الصَّيْدِ مِنَ السُّمِّ الذِي قتَلَهُ لا يَقْتُلُهُ أَيْضًا.
سَألْتُ أبا مُحَمَّدٍ عَنْ حَدِيثِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَدِيّ بنِ حَاتِم، أَنَّهُ قالَ: "يا رَسُولَ اللهِ، إنَّ أَرْضِي أَرْضُ صَيْدٍ، فقالَ لَهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: إذا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ المُعَلَّمَ وسَمَّيتَ اللهَ فَكُل مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ كَلْبُكَ وَإِنْ قَتَلَ، وإنْ أَكَلَ مِنْهُ فَلَا تَأْكُلْ، فإنَّهُ إِنَّمَا أَمْسَكَ على نَفْسِهِ" (?)، فقالَ لِي أَبو مُحَمَّدٍ: هذَا حَدِيثٌ اضْطَرَبَ فِيهِ الشَعْبِيُّ، وفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ "كُلْ مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ كَلْبُكَ وإنْ أَكَلَ مِنْهُ" (?).
* قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: والعَمَلُ في هذَا عِنْدَ أَهْلِ المَدِينَةِ على قَوْلِ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ: (كُلْ مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ كَلْبُكَ وإنْ أَكَلَ مِنْهُ) [1805]، و [1806]، وكَذَلِكَ قالَ سَعْدُ بنُ أَبي وَقَّاصٍ: (كُلْ وإن لَمْ تَبْقَ إِلَّا بَضْعَةٌ وَاحِدَةٌ) [1807]، وقَدْ قَالَ اللهُ في الكِلَابِ: {تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} [المائدة: 4]، يَعْنِي: تُعَلِّمُونَهُنَّ الأشْلَاءَ والزَّجْرَ، فَكُلُوَا مِمَّا أَمْسَكَنَ عَلَيْكُمْ.
[قالَ أبو المُطَرِّفِ]: وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ في الذِي يُدْرِكِ الصَّيْدَ في مَخَالِبِ البَازِي، أَو فِي فِيِّ الكَلْب لَمْ يَنْفُذْ مُقَاتَلَهُ ثُمَّ يَتَرَبَّصُ بهِ حتَّى يَمُوتَ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ، إنِّمَا قالَ ذَلِكَ لأَنَّهُ لَمَّا أً دْرَكَهُ في مَخَالِبِ البَازِي، أَو في فِيِّ الكَلْبِ وفِيهِ حَيَاةٌ مُجْتَمَعَةٌ، فَقَدْ تَوَجَّهَتْ إليه الذِّكَاةُ، فَلَمَّا أَفْرَطَ فِيهِ الصَّائِدُ حتَّى مَاتَ، فَقَدْ تَرَكَ