أَسْلَمَ، عَنْ أَبيهِ، عَنْ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَسِيرُ في بَعْضِ أَسْفَارِه، وذَكَرَ الحَدِيثِ، وأَسْنَدَه (?).

* وقالَ أَنسُ بنُ مَالِكٍ: كَانَتْ هذِه القِصَّةُ حِينَ انْصَرفَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الحُدَيْبِيَّهِ حِينَ صَدَّهُ المُشْرِكُونَ هُو وأَصْحَابُهُ عَنِ البَيْتِ ومَنَعُوهُم دُخُولَ مَكَّةَ، فَانْصَرَفُوا مَحْزُونينَ، فَعَوَّضَهُم اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- مِنْ ذَلِكَ فَتْحَ خَيْبَرَ، وأَنْزَلَ على رَسُولهِ سُورَةَ الفَتْحِ، وغَفَرَ له مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبهِ ومَا تَأَخَّرَ، وهذَا يُبيِّنُ قَوْلَهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى الذي حَكَاهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حينَ قالَ: "ما أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي ولَا بِكُم" (?) ونَصَرَهُ نَصْرَاً عَزِيزَاً، وَوَعَدَهُ بإدْخَالِ المُؤْمِنِينَ الجَنَّةَ وتَعْذِيبِ المُنَافِقِينَ بالنَّارِ، وهذَا خَيْر مِنَ الدُّنيا ومَا فِيها، كَمَا قَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في سُورَةِ الفَتْحِ: "هِيَ خَيْر مِمَّا طَلَعَتْ عليهِ الشمْسُ" [693].

* قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "يَخْرجُ فِيكُم قَومٌ تَحْقِرونَ صَلاَتهم مَعَ صَلاَتِهِم" [694] وذَكر الحَدِيثَ، قالَ فيهِ ابنُ وَضاح: لَمَّا قالَ - صلى الله عليه وسلم -: "يَخْرُجُ فيكُم قَوْمٌ" ولَمْ يَقُلْ: يَخْرُجْ عَلَيْكُمْ، دَلَّ على أنَّهُم مِنَ المُسْلِمينَ.

وقَوْلُىُ: "يَقْرَؤونَ القُرْآنِ لا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُم" يعنِي: أَنَّهُم لا يُؤْجَرُونَ عَلَيْهِ، ولَا تَكْتُبُه لَهُم المَلاَئِكَةُ لِمُخَالَفَتِهِم مَا يَعْتَقِدُه أَهْلُ السُّنَّةِ.

ثُمَّ ذَكَرَ أَن لَهُم صِيَامَا وصَلاَة وأَعْمَالاً إلَّا أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُتَقَبَّلٍ مِنْهُم، لِخُرُوجِهِم مِنَ الدِّينِ وَمُرُوقِهِم مِنْهُ كَمَا يَمْرُقُ السهْمُ مِنَ الرَّمْيَةِ.

قالَ الأَخْفَشُ: الرَّمْيَةُ هِي التِّي تُرْمَى بالنَّبْلِ مِنَ الصَّيْدِ، مِثْلَ الضَّبْيِّ، وبَقَرَةِ الوَحْشِ وشِبْهِ ذَلِكَ، فَيَرْميهِ الصَّائِدُ فَيَنْفُذُهَا بِسَهْمِه فَيَأْخُذُهُ الصائِدُ، فَيَنْظُرُ في النَّصْلِ فَلَا يَرَى فيهِ شَيْئاً مِنَ الدَّمِ، والنَّصْلُ هُوَ حَدِيدَةُ السَّهْمِ، ويَنْظُرُ في القِدْحِ فَلَا يَرَى فيهِ شَيْئا مِنَ الذَمِ، والقِدْحُ هُوَ عُودُ السَّهْمِ، ويَنْظُرُ في الرِّيشِ فَلَا يَرَى فيهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015