وقَوْلُهُ: "فَيَفْصِمُ عَنِّي وقَدْ وَعَيْتُ مَا قَالَ"، كَمَا يَفْصِمُ الخِلْخَالُ، يَعْنِي: يَنْحَلُّ عَنِّي كَمَا يَفْعَلُ الخِلْخَالُ إذا فُتِحَ مِنْ قُفْلِهِ.
وأَخَفُّ مَا كَانَ يَلْقَاهُ مِنَ الوَحْي إذا تَمَثَّلَ لَهُ جِبْرِيلُ في صُورَةِ آدَمِي ثُمَّ يُخْبِرُه بالذِي نزلَ بهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-.
* وَقْولُ ابنِ أُمِّ مَكْتُومٍ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "اسْتَدْنِينِي" [692] يعنِي: قَرِّبْنِي مِنْ نَفْسِكَ، وكَانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مشْغُولاً بِمُخَاطَبَةِ المُشْرِكِ الذي كَانَ يَطْمَعُ بإسْلاَمهِ، فَقِيلَ: إنَّهُ كَانَ شَيْبَةُ بنُ رَبِيعَةَ، وقِيلَ: كَانَ أُبَيّ بنُ خَلَفٍ، وَيَقُولُ لَهُ: (يا أبا فُلاَن، هَلْ تَرَى بمَا أَقُولُ بَأسَاً) [692] يعنِي: هَلْ تَسْمَعُ فِيمَا أُخَاطِبُكَ بهِ شَيْئَاً تَكْرَهَهُ، ويَقُولُ لَهُ: (لا والدِّمَاءِ)، يعنِي: لَا وَدِمَاءُ الهَدَايَا التِّي كَانُوا يُقَربُونَهَا لأَصْنَامِهِم، وَمَنْ رَوَاهَا: (لا والدِّمَاءُ)، يَعْنِي: الأصْنَامَ والصُّورَ، فَفِي هذَا مِنَ الفِقْهِ: تَكْنِيَةُ المُشْرِكِ إذا طُمِعَ بإسْلاَمِهِ، وَإلاَنَةُ القَوْلِ، فَلَمَّا كَانَ في عِلْمِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- أَنَّ ذَلِكَ المُشْرِكَ لا يُؤْمِنُ باللهِ أَنْزَلَ اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى على رَسُولهِ: {عَبَسَ وَتَوَلَّى} [عبس:1]، إلى آخِرِ القِصَّةَ، وكَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بعدَ ذَلِكَ يُكْرِمَ ابنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَاسْمُهُ عَبْدُ اللهِ بنُ قَيْسٍ، وأُمُّهُ أُمِّ مَكْتُومٍ.
* قَوْلُ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ: (نَزَّرْتَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) [693] يعنِي: أَكْثَرْتَ عَلَيْهِ في المَسْأَلةِ وَهُوَ سَاكِتٌ عَنْكَ لَا يُجيبُكَ، وهذَا الحَدِيثُ مُرْسَلٌ في المُوَطَّأَ، وحدَّثنا بهِ [أبو] عليِّ بنُ المُطَرِّزِ بِمِصْرَ (?)، قالَ: حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ زَبَّانَ (?)، قالَ: حدَّثنا عَبْدةُ بنُ عبدِ الرَّحِيمِ، قالَ: حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ حَرْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ