تفسير المنار (صفحة 4470)

مِنَ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ وَالْخَيْرِ الَّتِي هِيَ أَسْبَابُ رَحْمَةِ اللهِ وَمَثُوبَتِهِ وَرِضْوَانِهِ لِمَنِ اهْتَدَى بِهَا كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي مَحَلِّهِ.

(الْقِسْمُ الثَّانِي فِيمَا يَجِبُ لَهُ عَلَى أُمَّتِهِ وَفِيهِ خَمْسُ وَاجِبَاتٍ)

(الْأَوَّلُ) وُجُوبُ حُبِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالتَّبَعِ لِحُبِّ اللهِ تَعَالَى وَفِي الدَّرَجَةِ الَّتِي تَلِي دَرَجَتَهُ فِي ثَمَرَةِ الْإِيمَانِ، وَتَفْضِيلِ نَوْعِ حُبِّهَا عَلَى كُلِّ مَا يَجِبُ بِمُقْتَضَى الْفِطْرَةِ وَمَصَالِحِ الدُّنْيَا، فَرَاجِعْ بَيَانَ ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ (24) تَجِدْ فِيهِ مَا لَا تَجِدُ مَثَلَهُ فِي تَفْسِيرٍ آخَرَ (ص 202 وَمَا بَعْدَهَا ج 10 ط الْهَيْئَةِ) .

(الثَّانِي) وُجُوبُ تَحَرِّي مَرْضَاتِهِ بِالتَّبَعِ لِمَرْضَاةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْآيَةِ (62) .

(الثَّالِثُ) وُجُوبُ طَاعَتِهِ بِالتَّبَعِ لِطَاعَةِ اللهِ فِي صِفَاتِ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْآيَةِ (71) .

(الرَّابِعُ) وُجُوبُ النُّصْحِ لَهُ بِالتَّبَعِ لِلنُّصْحِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي صِفَاتِ الْمَعْذُورِينَ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْقِتَالِ مِنَ الْآيَةِ (91) .

وَهَذِهِ الْوَاجِبَاتُ لَهُ قَدْ ذُكِرَتْ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَا الْبَابِ فِي سِيَاقٍ آخَرَ.

(الْخَامِسُ) وُجُوبُ نَصْرِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ آيَةِ (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ) (9: 40) وَيُؤَيِّدُهَا مَا يَأْتِي فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ مِنْ حَظْرِ التَّخَلُّفِ عَنْهُ.

(الْقِسْمُ الثَّالِثُ فِيمَا يَحْظُرُ عَلَيْهِمْ مِنْ إِيذَاءٍ وَتَقْصِيرٍ فِي حَقِّهِ وَهُوَ خَمْسَةُ مَحْظُورَاتٍ) :

(الْأَوَّلُ) حَظْرُ إِيذَائِهِ - فِدَاؤُهُ أَبِي وَأُمِّي وَنَفْسِي - وَالْوَعِيدُ عَلَيْهِ فِي الْآيَةِ (61) .

(الثَّانِي) حَظْرُ مُحَادَّتِهِ أَيْ مُعَادَاتِهِ، وَالْوَعِيدُ عَلَيْهَا فِي الْآيَةِ (63) .

(الثَّالِثُ) الْكُفْرُ الصَّرِيحُ بِالِاسْتِهْزَاءِ بِهِ فِي الْآيَةِ (65) .

(الرَّابِعُ) حَظْرُ الْقُعُودِ عَنِ الْخُرُوجِ مَعَهُ لِلْجِهَادِ فِي الْآيَتَيْنِ (81 و90) .

(الْخَامِسُ) حَظْرُ تَخَلُّفِهِمْ عَنْهُ وَالرَّغْبَةُ بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ فِي الْآيَةِ (120) . وَهَذَا تَعْبِيرٌ بَلِيغٌ جِدًّا يَتَضَمَّنُ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَصُونُ نَفْسَهُ عَنْ جِهَادٍ وَعَمَلٍ، بَذَلَ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفْسَهُ فِيهِ، فَهُوَ مُفَضِّلٌ لِنَفْسِهِ عَلَى نَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ فِي عَهْدِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ فِيمَنْ بَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَالَيْنِ ظَاهِرًا مِنْ نَاحِيَةِ مُلَاحَظَةِ ذَلِكَ وَعَدَمِهَا، وَمِنْ نَاحِيَةِ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَى مَنْ كَانَ مَعَهُ بِمَا لَا تَقُومُ بِهِ عَلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ فَضْلًا عَمَّنْ بَعْدَهُ، وَإِنَّمَا نَعْنِي بِالْإِمْكَانِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِكُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يَتَأَسَّى بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَذْلِهِ مَالَهُ وَنَفْسَهُ لِلَّهِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ بِقَدْرِ إِمْكَانِهِ (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا) (33: 21) فَرَاجِعْ تَفْسِيرَ الْآيَةِ (فِي أَوَّلِ هَذَا الْجُزْءِ) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015