من أن يجيء بلفظ الأمر فيقول احْمِدِ الله , لأمرين: أحدهما: أنه يتضمن تعليم اللفظ والمعنى , وفي الأمر المعنى دون اللفظ. والثاني: أن البرهان إنما يشهد بمعنى الخبر دون الأمر. {الَّذِي خَلَقَ السَمَوَاتِ والأرضَ} لأن خلق السموات والأرض نِعَمٌ تستوجب الحمد , لأن الأرض تقل , والسماء تظل , وهي من أوائل نعمه على خلقه , ولذلك استحمد بخلقها وأضاف خلقها إلى نفسه عند حمده , على أن مستحق الحمد هو خالق السموات والأرض , ليكون باستحقاق الحمد منفرداً لانفراده بخلق السموات والأرض. وفي جمع السموات وتوحيد الأرض وجهان: أحدهما: لأن السموات أشرف من الأرض , والجمع أبلغ في التفخيم من الوحيد كقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلَنَا الذِّكْرَ} [الحجر: 9]. والثاني: لأن أوامره إلى الأرض تخترق جميع السماوات السبع. وفي تقديم السموات على الأرض وجهان: أحدهما: لتقدم خلقها على الأرض. والثاني: لشرفها فقدمها على ذكر الأرض وإن كانت مخلوقة بعد الأرض. وهذان الوجهان من اختلاف العلماء أيهما خُلِقَ أولاً. {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} يعني وخلق , فغاير بين اللفظ ليكون أحسن في النظم , والمراد بالظلمات والنور هنا ثلاثة أوجه: أحدها: وهو المشهور من قول قتادة , قدم الظلمة على النور لأنه قدم خلق الظلمة على خلق النور , وجمع الظلمات ووحد النور لأن الظلمات أعم من النور. والثاني: أن الظلمات: الليل , والنور: النهار. والثالث: أن الظلمات: الكفر , والنور: الإِيمان , قاله السدي. ولأصحاب الخواطر , فيه ثلاثة أوجه أُخَر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015