قوله تعالى: {إِذْ قَالَ الْحوَارِيُّونَ يَا عيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ} , قرأ الكسائي وحده {هل تَّستطيع ربَّك} بالتاء والإِدغام , وربك بالنصب , وفيها وجهان: أحدهما: معناه هل تستدعي طاعة ربك فيما تسأله , قاله الزجاج. والثاني: هل تستطيع أن تسأل ربك , قاله مجاهد , وعائشة. وقرأ الباقون {هل يستطيع ربك} بالياء والإِظهار , وفي ذلك التأويل ثلاثة أوجه: أحدها: هل يقدر ربك , فكان هذا السؤال في ابتداء أمرهم قبل استحكام معرفتهم بالله تعالى. والثاني: معناه هل يفعل ربك , قاله الحسن , لأنهم سموا بالحواريين بعد إيمانهم. والثالث: معناه هل يستجيب لك ربك ويطيعك. {أَن يُنَزِّلَ عَلَينَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَآءِ} قاله السدي , قال قطرب: والمائدة لا تكون مائدة حتى يكون عليها طعام , فإن لم يكن قيل: خِوان , وفي تسميتها مائدة وجهان: أحدهما: لأنها تميد ما عليها أي تعطي , قال رؤبة:
( ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... . . ... إلى أمير المؤمنين الممتاد)
أي المستعطي. والثاني: لحركتها بما عليها من قولهم: مَادَ الشيء إذا مال وتحرك , قال الشاعر:
(لعلك باك إن تغنت حمامة ... يميد غصن من الأيك مائل)
{قَالَ اتَّقُواْ اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} فيه قولان: