{بلى قادِرينَ على أنْ نُسوّيَ بَنانه} في قوله (بلى) وجهان: أحدهما: أنه تمام قوله (أن لن نجمع عظامه) أي بلى نجمعها , قاله الأخفش. الثاني: أنها استئناف بعد تمام الأول بالتعجب بلى قادرين , الآية وفيه وجهان: أحدهما: بلى قادرين على أن نسوي مفاصله ونعيدها للبعث خلقاً جديداً , قاله جرير بن عبد العزيز. الثاني: بلى قادرين على أن نجعل كفه التي يأكل بها ويعمل حافر حمار أو خف بعير , فلا يأكل إلا بفيه , ولا يعمل بيده شيئاً , قاله ابن عباس وقتادة. {بل يريد الإنسان ليَفْجُرَ أمامَه} فيه أربعة تأويلات: أحدها: معناه أن يقدم الذنب ويؤخر التوبة , قاله القاسم بن الوليد. الثاني: يمضي أمامه قدُماً لا ينزع عن فجور , قاله الحسن. الثالث: بل يريد أن يرتكب الآثام في الدنيا لقوة أمله , ولا يذكر الموت , قاله الضحاك. الرابع: بل يريد أن يكذب بالقيامة ولا يعاقب بالنار , وهو معنى قول ابن زيد. ويحتمل وجهاً خامساً: بل يريد أن يكذب بما في الآخرة كما كذب بما في الدنيا , ثم وجدت ابن قتيبة قد ذكره وقال إن الفجور التكذيب واستشهد بأن أعرابياً قصد عمر بن الخطاب وشكا إليه نقب إبله ودبرها , وسأله أن يحمله على غيرها , فلم يحمله , فقال الأعرابي:
(أقسم بالله أبو حفصٍ عُمَرْ ... ما مسّها مِن نَقَبٍ ولا دَبَرْ)
89 (فاغفر له اللهم إنْ كان فجَرْ} 9
يعني إن كان كذبني بما ذكرت. {فإذا بَرِقَ البصرُ} فيه قراءتان: إحداهما: بفتح الراء , وقرأ بها أبان عن عاصم , وفي تأويلها وجهان: أحدهما: يعني خفت وانكسر عند الموت , قاله عبد الله بن أبي إسحاق. الثاني: شخص وفتح عينه عند معاينة ملك الموت فزعاً , وأنشد الفراء: