الثاني: قد قدر الله لكم الكفارة في الحنث في أيمانكم. {وإذْ أسَرًّ النبيُّ إلى بَعْضِ أزْاجِهِ حَديثاً} فيه قولان: أحدهما: أنه أسَرَّ إلى حفصة تحريم ما حرمه على نفسه، فلما ذكرته لعائشة وأطلع اللَّه نبيه على ذلك عرّفها بعض ما ذكرت , وأعرض عن بعضه، قاله السدي. الثاني: أسرّ إليها تحريم مارية , وقال لها: اكتميه عن عائشة وكان يومها منه , وأُسِرّك أن أبا بكر الخليفة من بعدي , وعمر الخليفة من بعده , فذكرتها لعائشة , فلما أطلع اللَّه نبيه {عرّف بعضه وأعرض عن بعض} فكان الذي عرف ما ذكره من التحريم , وكان الذي أعرض عنه ما ذكره من الخلافة لئلا ينتشر , قاله الضحاك. وقرأ الحسن: (عَرَف بعضه) بالتخفف , وقال الفراء: وتأويل قوله: عرف بعضه بالتخفيف أي غضب منه وجازى عليه , {إن تَتوبا إلى اللَّهِ فَقدْ صَغَتْ قلوبُكما} يعني بالتوبة اللتين تظاهرتا وتعاونتا من نساء النبي صلى الله عليه وسلم على سائرهن وهما عائشة وحفصة. وفي (صغت) ثلاثة أقاويل: أحدها: يعني زاغت , قاله الضحاك. الثاني: مالت , قاله قتادة , قال الشاعر:
(تُصْغِي القلوبُ إلى أَغَرَّ مُبارَكٍ ... مِن نَسْلِ عباس بن عبد المطلب)
والثالث: أثمت , حكاه ابن كامل. وفيما أوخذتا بالتوبة منه وجهان: أحدهما: من الإذاعة والمظاهرة. الثاني: من سرورهما بما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من التحريم , قاله ابن زيد. {وإن تَظَاهَرا عليه} عين تعاونا على معصية رسول الله صلى الله عليه وسلم. {فإن الله هو مولاه} يعني وليه {وجبريل} يعني وليه أيضاً.