حسن , والمدح قد يكون على فعل وغير فعل , فكلُّ حمدٍ مدحٌ وليْسَ كل مدحٍ حمداً , ولهذا جاز أن يمدح الله تعالى على صفته , بأنه عالم قادر , ولم يجز أن يحمد به , لأن العلم والقدرة من صفات ذاته , لا من صفات أفعاله , ويجوز أن يمدح ويحمد على صفته , بأنه خالق رازق لأن الخلق والرزق من صفات فعله لا من صفات ذاته. وأما قوله: {رب} فقد اختُلف في اشتقاقه على أربعة أقاويل: أحدها: أنه مشتق من المالك , كما يقال رب الدار أي مالكها. والثاني: أنه مشتق من السيد , لأن السيد يسمى ربّاً قال تعالى: {أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً} [يوسف: 41] يعني سيده. والقول الثالث: أن الرب المدَبِّر , ومنه قول الله عزَّ وجلَّ: {وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأحْبَارُ} وهم العلماء , سموا ربَّانيِّين , لقيامهم بتدبير الناس بعلمهم , وقيل: ربَّهُ البيت , لأنها تدبره. والقول الرابع: الرب مشتق من التربية , ومنه قوله تعالى: {وَرَبَآئِبُكُمُ اللاَّتِي في حُجُورِكُمْ} [النساء: 23] فسمي ولد الزوجة ربيبة , لتربية الزوج لها. فعلى هذا , أن صفة الله تعالى بأنه رب , لأنه مالك أو سيد , فذلك صفة من صفات ذاته , وإن قيل لأنه مدبِّر لخلقه , ومُربِّيهم , فذلك صفة من صفات فعله , ومتى أدْخَلت عليه الألف واللام. اختص الله تعالى به , دون عباده , وإن حذفتا منه , صار مشتركاً بين الله وبين عباده. وأما قوله: {العالمين} فهو جمع عَالم , لا واحد له من لفظه , مثل: رهط وقوم , وأهلُ كلِّ زمانٍ عَالَمٌ قال العجاج:
( ... ... ... ... ... ... ... ... فَخِنْدِفٌ هَامَةُ هَذَا الْعَالَمِ)
واختُلِف في العالم , على ثلاثة أقاويل: أحدها: أنّه ما يعقِل: من الملائكة , والإنس , والجنِّ , وهذا قول ابن عباس.