والثاني: أن الباء بريء من الأولاد , والسين سميع الأصوات والميم مجيب الدعوات , وهذا قول سليمان بن يسار. والثالث: أن الباء بارئ الخلق , والسين ساتر العيوب , والميم المنان , وهذا قول أبي روق. ولو أن هذا الاستنباط يحكي عمَّن يُقْتدى به في علم التفسير لرغب عن ذكره , لخروجه عما اختص الله تعالى به من أسمائه , لكن قاله متبوع فذكرتُهُ مَعَ بُعْدِهِ حاكياً , لا محققاً ليكون الكتاب جامعاً لما قيل. ويقال لمن قال (بسم الله) بَسْمَلَ على لُغَةٍ مُوَلَّدَةٍ , وقد جاءت في الشعر , قال عمر بن أبي ربيعة:
(لَقَدْ بَسْمَلَتْ لَيْلَى غَدَاةَ لَقِيتُهَا ... فَيَا حَبَّذا ذَاكَ الْحَبِيبُ المُبَسْمِلُ)
فأما قوله: (الله) , فهو أخص أسمائه به , لأنه لم يتسَمَّ باسمه الذي هو (الله) غيره. والتأويل الثاني: أن معناه هل تعلم له شبيهاً , وهذا أعمُّ التأويلين , لأنه يتناول الاسم والفعل. وحُكي عن أبي حنيفة أنه الاسم الأعظم من أسمائه تعالى , لأن غيره لا يشاركه فيه. واختلفوا في هذا الاسم هل هو اسم عَلَمٍ للذات أو اسم مُشْتَقٌّ من صفةٍ , على قولين: أحدهما: أنه اسم علم لذاته , غير مشتق من صفاته , لأن أسماء الصفات تكون تابعة لأسماء الذات , فلم يكن بُدٌّ من أن يختص باسم ذاتٍ , يكون علماً لتكون أسماء الصفات والنعوت تبعاً. والقول الثاني: أنه مشتق من أَلَهَ , صار باشتقاقه عند حذف همزِهِ , وتفخيم لفظه الله. واختلفوا فيما اشْتُقَ منه إله على قولين: أحدهما: أنه مشتق من الَولَه , لأن العباد يألهون إليه , أي يفزعون إليه في