فقال لها: (اعْتَدِّي حَيْثُ شِئْتِ) ثم قال: (يَا سُبْحَانَ اللَّهِ , امْكُثِي فِي بَيتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الكِتَابُ أَجَلَهُ) وقال رجل: أرأيتَ إن قُتِلتُ صابراً محتسباً أيحجزني عن الجنة شيء؟ فقال: (لاَ) , ثم دعاه فقال: (إِلاَّ الدَّينُ كَمَا أَخْبَرَنِي بِهِ جِبْرِيلُ). ولا يوجد منه إلاّ ما جاز عليه. ثم قال تعال: {وَكُلاًّءَاتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً} قال الحسن: لولا هذه الآية لرأيت أن القضاة قد هلكوا , ولكنه أثنى على سليمان على صوابه وعذر داود باجتهاده. فإن قيل: فكيف نقض داود حكمه باجتهاد سليمان؟ فالجواب عنه من وجهين: أحدهما: يجوز أن يكون داود ذكر حكمه على الإِطلاق وكان ذلك منه على طريق الفتيا فذكره لهم ليلزمهم إياه , فلما ظهر له ما هو أقوى في الاجتهاد منه عاد إليه. الثاني: أنه يجوز أن يكون الله أوحى بهذا الحكم إلى سليمان فلزمه ذلك , ولأجل النص الوارد بالوحي رأى أن ينقض اجتهاده , لأن على الحاكم أن ينقض حكمه بالاجتهاد إذا خالف نصاً. على أن العلماء قد اختلفوا في الأنبياء , هل يجوز لهم الاجتهاد في الأحكام؟ فقالت طائفة يجوز لهم الاجتهاد لأمرين: أحدهما: أن الاجتهاد في الاجتهاد فضيلة , فلم يجز أن يحرمها الأنبياء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015