والثامن: أن إعجازه هو الصرفة، وهو أن الله تعالى صرف هممهم عن معارضته مع تحديهم أن يأتوا بسورة من مثله، فلم تحركهم أنفه التحدي، فصبروا على نقص العجز، فلم يعارضوه، وهم فصحاء العرب مع توفر دواعيهم على إبطاله، وبذل نفوسهم في قتاله، فصار بذلك معجزا لخروجه العادة كخروج سائر المعجزات عنها.
واختلف من قال بهذه الصرفة على وجهين:
أحدهما: أنهم صرفوا عن القدرة عليه، ولو تعرضوا لعجزوا عنه.
والثاني: أنهم صرفوا عن التعرض له، مع كونه في قدرتهم ولو تعرضوا له لجاز أن يقدروا عليه.
فهذه ثمانية أوجه، يصح أن يكون كل واحدٍ منها إعجازاً، فإذا جمعها القرآن وليس اختصاص أحدها بأن يكون معجزاً بأولى من غيره، صار إعجازه من الأوجه الثمانية، فكان أبلغ في الإعجاز، وأبدع في الفصاحة والإيجاز.
فصل
وإذا كان القرآن بهذه المنزلة من الإعجاز في نظمه ومعانيه، احتاجت ألفاظه