تلاوته تزيده حلاوةً في النفوس، وميلاً إلى القلوب، وغيره من الكلام، وإن كان مستحسن النظمن مستعذب النثر، يمل إذا أعيد ويستثقل إذا ردد.
والخامس: أن وجه إعجازه، هو ما فيه من الإخبار بما كان مما علموه، أو لم يعلموه، فإذا سألوا عنه، عرفوا صحته، وتحققوا صدقه، كالذي حكاه من قصة أهل الكهف، وشأن موسى والخضر، وحال ذي القرنين، وقصص الأنبياء مع أممها، والقرون الماضية في دهرها.
والسادس: أن وجه إعجازه، هو ما فيه من علم الغيب، والإخبار بما يكون، فيوجد صدقه وصحته، مثل قوله لليهود: {قُلْ إنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللهِ خَالِصَةً مِّنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادقِينَ} ثم قال: {وَلَنْ يَتَمَنَّمْوهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أيدِيِهِمْ} فما تمناه واحد منهم، ومثل قوله تعالى لقريش: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} فقطع بأنهم لا يفعلون، فلم يفعلوا.
والسابع: أن وجه إعجازه، هو كونه جامعاً لعلوم لم تكن فيهم آلاتها، ولا تتعاطى العرب الكلام فيها، ولا يحيط بها من علماء الأمم واحد، ولا يشتمل عليها كتاب وقال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} وقال: {تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " فيه خبر ما قبلكم ونبأ ما بعدكم هو الحق ليس بالهزل من طلب الهدى من غيره ضل " وهذا لا يكون إلا عند الله الذي أحاط بكل شيء علماً.