وقيل: كل شيء ينفلق من جميع ما خلق، نحو الأرحام؛ ليتعرف ما فيها، والحب، والنوى، والهوام، وكل شيء.
فمن ذهب إلى تخصيص الصبح؛ فهو لأنه آخر الليل، وأول النهار، وقد جرى تدبير اللَّه - تعالى - في إنشاء هذين الوقتين على جميع العالم، بحيث لا يملك أحد الامتناع عن حكمهما فيما جعل لهما، وهما النهاية في العلم بعلم اللَّه - تعالى - الغيب؛ إذ جرى من تدبيره في أمر الأوقات في الليل والنهار على حد واحد كل عام، بما فيهما من الرحمة للخلق وأنواع المحنة، ومَنَّ عليهما بما يأتيان الخلق ويذهبان؛ فكأنما ذكر جميع الخلق على ما ذكر في تأويل قوله - تعالى -: (بِرَبِّ النَّاسِ)؛ فيكون فيه لو قصد بالذكر ما في كل ذلك، ولا قوة إلا باللَّه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) له وجهان:
أحدهما: من شر خلقه؛ لما أضاف إلى فعله؛ كما يقال: " من شر فعل فلان "، أي: من شر ما يفعله.
ويحتمل من شر يكون من خلقه، لكن الإضافة إليه بما هو خالق كل شيء من فعل خلقه، ومن خلق ما له الفعل ولا فعل.
والأول كأنه أقرب؛ لما ذكر في بقية السورة من الواقع بخلقه المكتسب من جهتهم، وأضيف إليه؛ لما بينا، ولأن كل شر اكتسبه الخلق فذلك منسوب إلى اللَّه - تعالى - خلقا، وهو فعل المكتسب وكسبه، فمتى كان المراد من قوله - تعالى -: (مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ) هذا النوع؛ فكأن ذكر ما بعده يكون تكريرا.
وإذا حمل الأول على محض التخليق فيما لا صنع للخلق فيه من الشرور، كان ذكر ما لهم صنع فيه -وإن كان بخلق اللَّه تعالى، لا يكون تكريرا- فيكون هذا التأويل أحق، مع ما قد بينا أنه يمنع في فعل غيره بلطف، أو إعجاز، وفي الإعجاز لا يحتمل التعوذ من شر من لا يقدر على فعل يتصل به الشر، وفي ذلك إثبات التمكين لما يقع به الشر؛ فيجوز التعوذ من الذي منه أذية تكون من غيره، على ما بينا من جواز الأمر والنهي عن