وقَالَ بَعْضُهُمْ: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ)، أي: العمل فيها خير من العمل في ألف شهر سواها.
وقيل - أيضا -: إن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ذكر لأصحابه أن رجلا من بني إسرائيل جاهد ألف شهر في سبيل اللَّه؛ فعظم ذلك عليهم؛ فنزل قوله - تعالى -: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ)، أي: العمل فيها خير من جهاد ذلك الرجل في ألف شهر.
ويحتمل أن يكون ذكر ألف شهر على سبيل التمثيل، لا على التوقيت، أي: خير من ألف شهر وأكثر؛ إذ التقدير قد يكون لبيان العدد نفسه، وقد يكون لبيان شرف ذلك الشيء وعظمته؛ فلا يكون الغرض هو القصر على العدد، وهو كقوله: (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ)، ونحو ذلك.
ثم اختلف في تسمية ليلة القدر:
قَالَ بَعْضُهُمْ: هي ليلة الحكم والقضاء، فيها يحكم ويقضي ما يريد أن يكون في ذلك العام المقبل؛ لقوله - تعالى -: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ).
أو سميت: ليلة القدر؛ لأنها ليلة لها قدر ومنزلة عند اللَّه تعالى؛ لما يوصف الشيء العظيم بالقدر والمنزلة.
وسميت: ليلة مباركة؛ لأنه تنزل فيها البركات والرحمة من اللَّه - تعالى - على خلقه.
أو سميت: مباركة؛ لكثرة ما يعمل فيها من العبادات.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ. . .):
قَالَ بَعْضُهُمْ: الروح هاهنا: جبريل - عليه السلام - كقوله - تعالى -: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ).
وقَالَ بَعْضُهُمْ: خلق موكلون بالملائكة، كما أن الملائكة موكلون ببني آدم.
وجائز أن يكون الروح هاهنا هو الرحمة، أي: تنزل الملائكة بالرحمة فيها، على ما