وقال أهل العربية: (لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ)، أي: نقبض، وسفعت ناصيته، أي: قبضت، ويقال: سفعه بالعصا، أي: ضربه بها، ويقال: أسفع بيده، أي: خذ بيده.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16):
يحتمل ما ذكر من قوله: (كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ) كناية عن النفس.
ويحتمل أن يكون كناية عن الناصية التي تقدم ذكرها.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) أي: أبو جهل، (فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ)، أي: أهل مجلسه في الإعانة له بما يهم برسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -.
(سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) نحن في الدفع عنه؛ لنرى هل يقدر أن يفعل به ما هم به.
ثم يحتمل ذلك في الدنيا، وقد ذكر أنه قتل يوم بدر.
وجائز أن يكون ذلك الدفع من الزبانية في الآخرة، وسموا: زبانية للدفع، أي: يدفعون أهل النار في النار.
وقيل: الزبانية: الشرط، والواحد: زبينة، والنادي: المجلس، يريد به: قوله.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19) أي: لا تطع ذلك الكافر، وكان ما ذكر، لم يطعه حتى مات؛ فكان فيه إثبات الرسالة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ):
يحتمل قوله: (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) أن يكون هذا خطابا للنبي - عليه السلام - أي: صلِّ، واقترب إلى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ.
ويحتمل أن يكون قوله: (وَاسْجُدْ) خطابا للنبي - عليه السلام - أي: صل، وقوله: (وَاقْتَرِبْ) خطابا لأبي جهل، أي: اقترب إلى مُحَمَّد؛ حتى ترى على سبيل الوعيد؛ لما كان يقصد المكر بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في حال الصلاة.
ثم على التأويل الظاهر الآية حجة لنا على أهل التشبيه؛ فإنه لم يفهم من قوله: (وَاقْتَرِبْ): القرب من حيث المكان، وقرب الذات، ولكنْ قرب المنزلة والقدر، وكذلك ما ذكر في بعض الأخبار: " ومن تقرَّب إليَّ شبرا، تقربت إليه ذراعا "، ونحو ذلك، لا