الأب والجد، وأجازوا بيع ماله من وصيه إن كان وصي الأب أو وصي أمه في تركتها؛ فدل أن تزويج اليتيم ليس من قهره في شيء، وقد روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه زوج بنت حمزة سلمة بن أبي سلمة، وهو صغير يتيم، وزوج ابن عمر بنت أخيه وهي صغيرة، وزوج عروة ابنته من مصعب وهي صغيرة.
وقهر اليتيم في ظلمه والاعتداء عليه، وليس في التزويج ذلك.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11) يحتمل وجهين:
أحدهما: يقول: حدثهم بنعم اللَّه - تعالى - التي أنعم عليهم؛ ليعرفوا ويفوا بما فيه شكرها.
أو يقول: حدثهم بما أنعم اللَّه عليك، وهو هذا القرآن؛ إذ القرآن من أعظم ما أنعم اللَّه عليه، فأمر بتحدث ما عليه من النعم؛ ليعرفوا عظيم ما أنعم اللَّه عليه من الاختصاص لهم؛ حيث جعلهم من أمته ومن قومه.
أو أمر بأن يقرأه ويحدث بما فيه.
وقد روي عن أبي رجاء العطاردي قال: خرج علينا عمران بن حصين وعليه مطرف خز، لم نره عليه قبل، ولا بعد، فقال: إن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قال: " إن اللَّه - تعالى - إذا أنعم على عبد نعمة يحب أن يرى أثر نعمته عليه ".
وعن عطية عن أبي سعيد عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: " إن اللَّه - تعالى - جميل يحب الجمال، ويحب أن يرى أثر نعمته على عبده، ويبغض البؤس والتبؤس ".
وعن أبي الأحوص عن ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: قال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " من أعطاه اللَّه - تعالى - خيرا؛ فلْيُرَ عليه، وابدأ بمن تعول، وارضخ من الفضل، ولا تلام على كفاف، ولا تعجز عن نفسك ".
وعن يحيى بن عبد اللَّه عن أبيه عن أَبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: " إذا بسط اللَّه - تعالى - على عبد نعمة فلْتُرَ عليه " يعني به: الصدقة والمعروف، وقول ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: " وابدأ بمن تعول " دليل عليه.
قال أهل الأدب: عال: افتقر، وأعال، أي: كثر عياله، ويقال: أسجيته: أسكنته، وقالوا: الانتهار: الكلام الخشن. وصلى اللَّه على سيدنا مُحَمَّد وآله وصحبه أجمعين.
* * *